بعد اغتياله.. ماذا نعرف عن صلاح البردويل عضو المكتب السياسي لحماس

شيّع عشرات الفلسطينيين، اليوم الأحد 23 مارس 2025، جثمان القيادي البارز وعضو المكتب السياسي لحركة حماس، صلاح البردويل، وزوجته، إلى جانب عدد من الضحايا الذين سقطوا جراء القصف الإسرائيلي الذي استهدف خيام النازحين في منطقة المواصي بخان يونس.

تفاصيل القصف الإسرائيلي

استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي خيام النازحين في منطقة المواصي، الواقعة غرب مدينة خان يونس، حيث تقيم مئات العائلات الفلسطينية التي نزحت قسرًا نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة. 

وأسفر الهجوم عن سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، بينهم القيادي صلاح البردويل وزوجته.

وشهدت مراسم التشييع مشاركة واسعة من أبناء الشعب الفلسطيني، وسط حالة من الحزن العميق والغضب العارم، حيث ندد المشيعون بالجريمة الإسرائيلية البشعة، مؤكدين أن الاحتلال يواصل سياسة الاغتيالات واستهداف القيادات الفلسطينية في محاولة لعرقلة العمل السياسي والمقاومة.

صلاح البردويل.. مسيرة نضال وعطاء

يُعد صلاح حسن البردويل أحد الشخصيات السياسية البارزة في المشهد الفلسطيني، حيث لعب دورًا محوريًا في حركة حماس، وكان من القيادات الفاعلة في العمل السياسي والإعلامي.

الميلاد والنشأة

وُلد صلاح البردويل في 24 أغسطس 1959 بمخيم خان يونس جنوب قطاع غزة، لعائلة فلسطينية هجّرت قسرًا من قريتها الجورة، الواقعة ضمن قضاء غزة، خلال نكبة عام 1948.

نشأ في بيئة مليئة بالتحديات، حيث كان الاحتلال واللجوء جزءًا من تفاصيل حياته اليومية، مما جعله يكرس حياته للنضال السياسي والفكري من أجل القضية الفلسطينية.

التعليم والتكوين الفكري

حصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 1982.

واصل دراسته الأكاديمية، حيث نال درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني من معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة عام 1987.

أكمل مسيرته العلمية بالحصول على درجة الدكتوراه في الأدب الفلسطيني عام 2001، وكانت أبحاثه تركز على الهوية الوطنية والثقافية للشعب الفلسطيني.

المسيرة المهنية.. بين التعليم والسياسة

بدأ مسيرته المهنية كمعلم في المدارس الفلسطينية عام 1985، حيث درّس للمرحلة الأساسية، ثم انتقل ليعمل محاضرًا في جامعة الأقصى بين عامي 1990 و1993.

واصل مسيرته الأكاديمية في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث قدّم إسهامات فكرية عديدة، كما كان عضوًا نشطًا في اتحاد الكتاب الفلسطينيين، وساهم في تأسيس جمعية التجمع الوطني للفكر والثقافة.

النشاط السياسي والمقاومة

برز البردويل في الساحة السياسية كأحد مؤسسي حزب الخلاص الوطني الإسلامي عام 1996، حيث تولى مسؤولية الإعلام الحزبي وترأس الدائرة الإعلامية.

مثّل الحزب في المجلس الوطني والمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.

تعرّض للاعتقال أكثر من مرة، حيث احتجزه الاحتلال الإسرائيلي عام 1993 وخضع لتحقيقات قاسية استمرت 70 يومًا في سجني غزة وعسقلان.

كما اعتُقل لاحقًا من قبل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية عدة مرات بسبب نشاطه السياسي.

دوره في حركة حماس

كان أحد أبرز قادة حركة حماس، وتولى عدة مسؤوليات داخل المكتب السياسي للحركة، كما لعب دورًا بارزًا في الإعلام السياسي لحماس، حيث كان دائم الحضور في اللقاءات الصحفية والتصريحات الإعلامية التي تعكس موقف الحركة من التطورات السياسية والأمنية.

كما كان له دور فاعل في المفاوضات السياسية، وعمل على دعم المقاومة الفلسطينية في مختلف المجالات، مما جعله هدفًا دائمًا لسياسات الاغتيال الإسرائيلية.

اغتياله 

استشهد صلاح البردويل فجر اليوم الأحد 23 مارس 2025، الموافق 23 رمضان 1446 هـ، بعد أن استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي خيام النازحين في المواصي، ما أدى إلى استشهاده مع زوجته وعدد من المدنيين.

مثّل اغتياله تصعيدًا جديدًا في العدوان الإسرائيلي المستمر، حيث تسعى قوات الاحتلال إلى استهداف القادة السياسيين والميدانيين ضمن محاولاتها لكسر إرادة المقاومة الفلسطينية.

كان استهدافه جزءًا من العمليات الإسرائيلية الدموية المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي أسفرت حتى الآن عن استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء.

ردود الفعل الفلسطينية

نعت حركة حماس القيادي الراحل، مؤكدة أن "دماء الشهداء لن تذهب هدرًا، وأن الاحتلال سيدفع ثمن جرائمه".

أكد المتحدث باسم حماس أن استهداف البردويل "لن يثني الحركة عن مواصلة مقاومتها للمحتل"، مشددًا على أن "الجرائم الإسرائيلية لن توقف المد الثوري للشعب الفلسطيني".

عبّرت الفصائل الفلسطينية عن غضبها من استمرار جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين والقيادات السياسية، داعية المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف العدوان.

إرث البردويل.. نضال مستمر

يُعد صلاح البردويل أحد أهم المفكرين والسياسيين الفلسطينيين الذين كرسوا حياتهم لخدمة القضية الوطنية.

جمع بين العمل السياسي، الفكري، والإعلامي، وكان صوته حاضرًا في الدفاع عن المقاومة وحقوق الفلسطينيين.

يُمثّل رحيل البردويل خسارة كبيرة للشعب الفلسطيني، لكنه يترك وراءه إرثًا من النضال السياسي والفكري سيظل ملهِمًا للأجيال القادمة.