دمرها "داعش" والعراق يبدأ ترميمها.. ماذا نعرف عن مدينة نمرود الآشورية؟

مدينة نمرود، هي واحدة من أبرز المواقع الأثرية في العراق، حيث كانت عاصمة للإمبراطورية الآشورية في عصرها الذهبي، وشهدت المدينة ازدهارًا كبيرًا خلال حكم الملك آشور ناصر بال الثاني، وأصبحت مركزًا سياسيًا وثقافيًا مهمًا في المنطقة.

ومع مر العصور تعرضت للعديد من الكوارث، كان آخرها التدمير الذي ألحقه بها تنظيم «داعش» عام 2015 ومع ذلك، بدأت جهود إعادة الإعمار والترميم، بدعم من جهات عراقية ودولية، في محاولة لإنقاذ هذا الإرث التاريخي المهم.
أهمية مدينة نمرود الآشورية
تقع مدينة نمرود على بعد نحو 30 كيلومترًا جنوب مدينة الموصل، في محافظة نينوى شمال العراق، ويعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وكانت في أوج ازدهارها عاصمة للإمبراطورية الآشورية.
اقرأ أيضا..
جزيرة الحياة الأبدية.. "رواتان" ملاذ الأثرياء للحصول على الشباب الدائم
وتميزت المدينة القديمة بمعابدها وقصورها الضخمة، التي تعكس عظمة الحضارة الآشورية، واشتهرت بأنها موطن لكنز نمرود، الذي يُعد واحدًا من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، حيث احتوى على مجوهرات ذهبية وأحجار كريمة ولوحات أثرية نادرة.

وبدأ ذكر مدينة نمرود في الأوساط العلمية منذ عام 1820، عندما بدأ المستكشفون وعلماء الآثار الأجانب عمليات التنقيب والبحث فيها، حيث كشفت الحفريات عن العديد من القطع الأثرية التي توثق تطور الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الإمبراطورية الآشورية.
تدمير المدينة على مر التاريخ
كغيرها من المواقع الأثرية، لم تكن مدينة نمرود بمنأى عن الدمار عبر التاريخ، إذ تعرضت لعدة عمليات تخريب ونهب، ففي العصور القديمة، تعرضت المدينة لهجوم من قبل الكلدانيين والميديين، الذين دمروها بعد قرابة قرن من ازدهارها.

وخلال العصر الحديث، تعرضت المدينة للنهب خلال الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003، حيث تم سرقة العديد من القطع الأثرية وبيعها في الأسواق العالمية.
وفي عام 2015 جاءت الضربة الأكبر، عندما أقدم تنظيم «داعش» على تفجير أجزاء واسعة من المدينة باستخدام حوالي 200 برميل من المواد المتفجرة، ما أدى إلى تدمير معالمها الأثرية المهمة، ولم يكتف التنظيم بسرقة القطع الأثرية، بل سعى إلى محو الهوية التاريخية للمدينة من خلال تدمير التماثيل والمنحوتات التي كانت تمثل رموز الحضارة الآشورية.

إعادة إعمار مدينة النمرود
رغم الدمار الكبير، لم تتوقف الجهود لإنقاذ ما تبقى من مدينة نمرود الآشورية، حيث بدأت أعمال الترميم بدعم مشترك بين دائرة آثار الموصل وأحد المعاهد الأمريكية المتخصصة في إعادة تأهيل المواقع الأثرية.

ويتم العمل حاليًا على جمع وترميم القطع الأثرية المتضررة، خاصة تمثال نمرود الشهير، ضمن مشروع شامل للحفاظ على هذا الموقع التاريخي.
فيما كشف وزير الثقافة العراقي، خلال زيارته للموقع، أن حجم الدمار كان هائلًا، لكنه أشاد بجهود الفرق العاملة في إعادة الترميم، وذكر أنه تم جمع أكثر من 35 ألف قطعة أثرية حتى الآن، إلا أن العدد الفعلي للآثار المسروقة لا يزال مجهولًا بسبب الفوضى التي أعقبت التفجير.

تحديات كبيرة لفرق الترميم
تحديات كبيرة يواجهها المختصون في الآثار خلال عملية الترميم، من أبرزها احتمالية وجود عبوات ناسفة أو متفجرات أخرى في الموقع، ما يستدعي العمل بحذر شديد، كما تم توفير مخازن خاصة لحماية القطع المستخرجة من التأثيرات البيئية مثل الرطوبة ودرجات الحرارة المرتفعة، بهدف الحفاظ عليها من التلف.

ما هي أهمية مدينة نمرود في التاريخ الآشوري؟
مدينة نمرود أحد أبرز المعالم الأثرية التي تمثل حضارة بلاد الرافدين، وكانت المدينة رمزًا لقوة الإمبراطورية الآشورية وعظمتها، حيث شيد فيها ملوك آشور القصور الضخمة والمعابد، وتركوا نقوشًا تُخلد انتصاراتهم وإنجازاتهم.
اقرأ أيضا..
ثالوث نووي وقبة ذهبية.. الولايات المتحدة تلوح بأسلحتها الفتاكة
ورغم المآسي التي تعرضت لها مدينة نمرود خلال الفترات الماضية، إلا أن الجهود الحالية تبعث الأمل في إمكانية استعادة جزء من هذا الإرث الحضاري العريق.
حيث يمثل مشروع الترميم وإعادة الإعمار خطوة مهمة نحو الحفاظ على هوية العراق التاريخية، ومنع طمس آثار واحدة من أعظم الحضارات التي شهدها العالم القديم.