القصة الكاملة لـ خلية الإخوان في الأردن ومخطط زعزعة الاستقرار

في توقيت بالغ الحساسية إقليميًا ومحليًا، كشفت دائرة المخابرات العامة الأردنية النقاب عن واحدة من أخطر الخلايا الإرهابية التي جرى رصدها داخل المملكة منذ سنوات، خلية على صلة بجماعة الإخوان، انخرطت في مخطط تخريبي خطير هدفه تصنيع صواريخ محلية وطائرات مسيرة، وتخزين مواد شديدة الانفجار داخل الأراضي الأردنية، تمهيدًا لاستخدامها في أعمال تخريبية تمسّ أمن الدولة الأردنية واستقرارها.
مخطط لم يكن وليد اللحظة
منذ عام 2021، كانت العيون الأمنية ترصد تحركات مشبوهة لعناصر متطرفة مرتبطة بفكر جماعة الإخوان غير المرخصة.
بدأ كل شيء حين طرح المتهم الرئيسي إبراهيم محمد – المعروف بانتمائه للجماعة – فكرة تصنيع صواريخ محليًا، واقتراح تنفيذ المشروع داخل الأردن باستخدام أدوات وآلات مستوردة عبر قنوات غير مشروعة.
وفي مشهد يشبه أفلام الجاسوسية، توجه اثنان من عناصر الخلية إلى بيروت بدعوة من إبراهيم، حيث التقيا بمسؤول تنظيمي للجماعة هناك، وتلقيا تدريبات فنية على ماكينات الخراطة اليدوية، بغرض نسخ نموذج صاروخي يُشبه صواريخ "غراد"،عند عودتهما، بدأ التنفيذ على الأرض.
الزرقاء وعمان.. قواعد التصنيع والتخزين
الخلية اختارت مستودعًا صناعيًا في محافظة الزرقاء ليكون موقع التصنيع، ومخزنًا في منطقة "النقيرة" بالعاصمة عمّان لتخزين المكونات والنماذج المصنّعة.
غرفة سرية أُنشئت خلف جدار إسمنتي مموه، كانت تخفي نماذج لصواريخ قصيرة المدى جرى تصنيعها على مراحل، ضمن مشروع قادر على إنتاج 300 صاروخ، بمدى يتراوح بين 3 و5 كيلومترات، حسب التحليل الفني.
التجهيزات تضمنت قطعًا معدنية هندسية الشكل، أنابيب، مخاريط، صواعق، ومحركات دفع، إلى جانب طائرة مسيرة قيد التطوير. تمويل المشروع أُرسل من الخارج عبر عنصر ثالث في الخلية يدعى محسن الغانم، المسؤول عن تأمين الأموال وشراء المعدات.
اعترافات صادمة
في التقرير المصور الذي بثه التلفزيون الأردني، ظهر أفراد الخلية في اعترافات موثقة، كشفوا خلالها تفاصيل رحلاتهم وتحركاتهم، وتدريباتهم بالخارج، والمهام الموزعة عليهم بدقة.
إبراهيم محمد، الذي يخضع حاليًا لمحاكمة في قضية منفصلة بتهمة حيازة نحو 30 كجم من مواد شديدة الانفجار (TNT، C4، وSemtex-H)، كان بمثابة العقل المدبّر.
محاولة ضرب الداخل الأردني باسم المقاومة
العميد الأردني المتقاعد محسن الشوبكي علّق على القضية قائلًا إن الجماعة دأبت على استخدام شعارات براقة لتبرير مخططاتها، مثل دعم المقاومة، لكن ما تم كشفه هو محاولة لضرب الداخل الأردني، لا علاقة له بفلسطين أو غيرها.
وأكد أن جماعة الإخوان تتحرك بأجندات خارجية وتعمل كأداة لهدم استقرار الدول، تمامًا كما فعلت في مصر قبل سقوط مشروعها في 2013.
ضربة استباقية وكفاءة أمنية عالية
على مدار ثلاث سنوات، راقبت الأجهزة الأمنية تحركات الخلية بصبر وحكمة، ولم تتدخل إلا بعد أن اكتمل المشهد، وجاءت اللحظة الحاسمة، حين تم تصنيع النموذج الأول من الصاروخ.
عندها، أُطلقت عملية دقيقة انتهت بإلقاء القبض على 16 متورطًا، جميعهم أُحيلوا إلى محكمة أمن الدولة.
رسائل ودلالات
ما حدث يفتح باب التساؤلات حول طبيعة الدعم الخارجي الذي تلقته الخلية، والجهات التي تقف خلف التمويل والتدريب، لكنه في الوقت ذاته، يرسل رسالة واضحة مفادها أن الدولة الأردنية مثل شقيقتها مصر لا تساوم على أمنها القومي، وأن مشروع الإخوان العابر للحدود لا مستقبل له