كيف تتعامل مصر مع التحديات العالمية وتحافظ على معدلات النمو وجذب الاستثمار؟

تأثير محدود بات واضحا على مصر، في ظل عالم تعصف به الاضطرابات الجيوسياسية والحروب التجارية، حيث أثبتت قدرتها في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، بعد تعريفات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويعتبر موقع مصر من الحرب التجارية الجارية بين الولايات المتحدة والعالم، غير محورى، إذ تتعرض لمخاطر التأثر باضطرابات فترة الحرب، والتوازنات الجديدة التى يتوقّع أن تنشأ بعد انتهاء تلك الحرب.
وخلال الفترة الماصية، برزت مصر كوجهة استثمارية آمنة تستقطب رؤوس الأموال العالمية، خاصةً الأوروبية، بعد أن أثبتت قدرتها على الحفاظ على استقرارها الاقتصادي وسط تقلبات إقليمية ودولية حادة.
كيف تتعامل مصر مع التحديات؟
وفي هذا التقرير يجيب موقع تفصيلة على التساؤلات التي تشغل بال الرأي العام، وهي كيف تتعامل مصر مع التحديات الاقتصادية العالمية وتحافظ على معدلات النمو وجذب الاستثمار؟
وللإجابة على هذا السؤال يجب النظر أولا للمقومات التي تجعل مصر ملاذاً آمناً للاستثمارات العالمية والعربية، أبرزها موقعها الجغرافى المتميز كبوابة بين إفريقيا وآسيا وأوروبا، وسوقها الاستهلاكى الكبير، وبنيتها التحتية المتطورة.
نمو ملحوظ في الاقتصاد المصري
وسجل معدل نمو الاقتصاد المصري ارتفاعًا ملحوظًا ليصل إلى 4.3% خلال الربع الثاني من العام المالي 2024-2025، مقارنة بمعدل 2.3% في الربع المناظر للعام المالي السابق 2023-2024، وفقًا لبيان صادر عن وزارة التخطيط المصرية.
توقعات نمو الاقتصاد خلال 2025
وتوقعت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، ارتفاع معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي المقبل (2025-2026)، بعد أن يصل خلال العام المالي الحالي 4% من إجمالي الناتج المحلي، رغم التحديات الناتجة عن السياسات التجارية الحمائية العالمية.
فيما توقع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في أحدث تقرير له نمو أداء الاقتصاد المصري 4.6% خلال العام المالي المقبل يونيو 2026 مدفوعًا بعد أن يصل إلى 3.6% في نهاية العام المالي الحالي يونيو 2025.
استراتيجيات مصر لمواجهة التحديات العالمية
في البداية كشف الدكتور مدحت نافع أستاذ التمويل والخبير الاقتصادي، وعضو اللجنة الاستشارية المشكلة من رئيس الوزراء للاقتصاد الكلي، أن هناك بعض الاستراتيجيات التى تُتيح لمصر التكيف مع التداعيات غير المباشرة للحرب التجارية بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين وأوروبا.

وأشار نافع، إلى أن هذه الاستراتيجيات تساهم فى تحقيق توازن اقتصادى وتقليل المخاطر على مستوى معدلات النمو، التجارة، تدفقات رأس المال، التضخم، والاحتياطيات الأجنبية.
الدبلوماسية الحذرة وتنويع التجارة
ووفقا للخبير الاقتصادي تشمل استراتيجية مصر للتكيف مع التأثيرات غير المباشرة للحرب التجارية، الدبلوماسية الحذرة، تنويع التجارة إقليميا، التعزيز الاقتصادى، والتأنّى الاستراتيجى.
وتستهدف كل استراتيجية تحديات محددة مع الحفاظ على المرونة للاستجابة للتغيرات فى الاقتصاد العالمى.
الاستفادة من الفرص المستحدثة
وتابع نافع، انه يمكن لمصر الحفاظ على استقرارها الاقتصادى والعمل على تعزيز قدرتها التنافسية فى بيئة دولية زاخرة بالتحديات، من خلال هذه الاستراتيجيات التي تتيح لها الاستفادة من الفرص المستحدثة، دون أن تتأثر بشكل كبير بالتداعيات السلبية للصراعات التجارية.
وأكمل أنه يجب على مصر التنويع الإقليمى للتجارة وتعزيز الاقتصاد، حيث إنها تقلل الاعتماد على اللاعبين الرئيسيين، وتستفيد من فرص تحويل التجارة، وتبنى المرونة.
حماية الاحتياطي الأجنبي والسيطرة على التضخم
واختتم حديثه قائلا : “من خلال الجمع بين الدبلوماسية الحذرة، التعزيز الاقتصادى، وتنويع التجارة الإقليمى” ، تحسّن مصر العوائد عبر المتغيرات الرئيسية، وتحمى الاحتياطيات الأجنبية، ويتم السيطرة على التضخم، وتستفيد مصر من فرص نمو الناتج المحلى الإجمالى.
انكماش في التجارة العالمية
بينما أكد الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادى، أن الحرب التجارية ستتسبب فى تراجع التجارة العالمية ما سيترتب عليه حدوث انكماش فى الاستثمار الأجنبى وخاصة الاستثمار المباشر.
وكشف الخبير الاقتصادي، أن مصر لديها طبيعة خاصة، حيث نفذت برنامج إصلاح اقتصادى منذ عام 2016 بهدف عبور العديد من التحديات إلا أن مثل تلك الممارسات الدولية تشكل تحديات جديدة أمام الاقتصاد المصري.

سيناريوهات مصر لحماية الاقتصاد الاقتصاد الوطني
وأوضح بدرة، أن الدولة تمتلك العديد من السيناريوهات المعدة للتعامل مع تلك الأحداث بهدف حماية الاقتصاد الوطنى من تبعات الأزمات العالمية فى ظل ما يشهده الاقتصاد المصرى من زيادة جذب الاستثمارات الأجنبية وارتفاع معدلات الإنتاج.
وتابع، أن الرسوم الجمركية ستتسبب فى ركود و تباطؤ للاقتصاد العالمى وهو ما تؤكده تقارير المؤسسات الدولية خلال الشهور القليلة المقبلة فى ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية وستكون الأسواق الناشئة أكثر المتضررين، ومن بينها السوق المصرية بسبب تراجع التجارة الدولية.
جذب الشركات الصينية في مصر
وكشف بدرة أن لدى مصر فرصة لجذب الشركات الصينية الكبيرة والتى تواجه رسوما جمركية ضخمة لزيادة الاستثمارات فى السوق المصرى وذلك من خلال تقديم حزمة من الإعفاء والحوافز والتسهيلات.
واجهة مفضلة للاستثمار الأجنبى والعربي
أما الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي، قال إن مصر أصبحت الوجهة المفضلة للاستثمار الأجنبى والعربية فى المنطقة، خاصة الاستثمارات الاوروبية فى ظل التغيرات الجيوسياسية.

وأشار الإدريسى، إلى أنه فى الوقت الذى تعود فيه السياسات الحمائية الأمريكية إلى الواجهة وتُفرض تعريفات جمركية إضافية على واردات من الصين ودول أخرى تبرز كبديل صناعى وتجارى واعد أمام الأسواق العالمية خاصة أوروبا التى تسعى لتنويع سلاسل التوريد وتقليل الاعتماد على الصين.