رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
معتز سليمان

هل ينجح البرلمان في حل أزمة الإيجار القديم؟ الحكومة تحت ضغط شديد

خاص | البرلمان يطالب الحكومة بسرعة إرسال قانون الإيجار القديم

مجلس النواب
مجلس النواب

في مفاجأة سياسية وتشريعية من العيار الثقيل، وقبل انتهاء دور الانعقاد الحالي، كشفت مصادر برلمانية لـ"تفصيلة" أن مجلس النواب دخل على خط أزمة الإيجار القديم من جديد، موجّهًا رسالة واضحة إلى الحكومة المصرية، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، بسرعة إرسال مشروع قانون الإيجار القديم إلى البرلمان قبل فضّ دور الانعقاد الحالي، وذلك عبر لجنة الإسكان، في خطوة يعتبرها البعض "محاولة أخيرة لإنهاء أزمة عمرها أكثر من 70 عامًا".

الإيجار القديم.. جرح قديم لم يندمل

تمثل أزمة الإيجارات القديمة في مصر واحدة من أعقد القضايا الاجتماعية والقانونية التي ورثتها الدولة منذ خمسينيات القرن الماضي. 

فبينما يرى المالكون أن استمرار العمل بقوانين الإيجار القديم "ظلم بيّن"، يعتقد المستأجرون أن أي تعديل قد يُطيح بهم من منازلهم ويهدد استقرارهم الأسري. 

وبين هذا وذاك، ظلت الحكومات المتعاقبة تتجنب حسم الملف، حتى جاءت إشارات البرلمان الحالي باتجاه حقيقي لفتح هذا الجرح.

مصادر برلمانية: نريد حسمًا تاريخيًا.. والعدالة يجب أن تسود

وبخصوص حل أزمة الإيجار القديم في مصر، أوضحت مصادر داخل لجنة الإسكان بمجلس النواب لـ"تفصيلة" أن اللجنة أرسلت خلال الأيام الماضية خطابًا رسميًا إلى الحكومة، تطالب فيه بسرعة إرسال مشروع قانون متكامل لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، خاصة في ظل قرب انتهاء دور الانعقاد البرلماني، مشيرة إلى أن البرلمان الحالي حريص على "دخول التاريخ من بابه التشريعي"، من خلال إنهاء أزمة الإيجار القديم بما يحقق العدالة لجميع الأطراف.

وحول موعد مناقشة قانون الإيجار القديم، أكدت المصادر أن "البرلمان ينتظر خلال الأيام القليلة المقبلة استلام مشروع القانون من الحكومة لدراسته ومناقشته على وجه السرعة"، مشددة على أن العدالة يجب أن تسود بين المالك والمستأجر، وأن ترك الملف دون معالجة سيزيد من التوترات الاجتماعية ويُثقل كاهل المحاكم بقضايا النزاعات.

تأخير القانون كارثة.. وقد يضطر 3 ملايين مالك للجوء للقضاء

وبخصوص العدالة بين الملاك والمستأجرين أكد النائب إيهاب منصور، عضو مجلس النواب والمطلع على ملف الإيجار القديم، في تصريحات خاصة لـ"تفصيلة"، أن الحكومة لم تُرسل حتى الآن مشروع القانون المنتظر، قائلا: "أتوقع أن ترسله قريبًا، لأن الوضع لم يعد يحتمل المماطلة، واستمرار الأزمة معناه أن نحو 3 ملايين مالك قد يضطرون للجوء إلى المحاكم، ما سيثقل كاهل المنظومة القضائية ويُشعل الخلافات المجتمعية".

وتابع خلال حديثه عن حوار البرلمان والحكومة حول الإيجار القديم: "عدم تقديم القانون في دور الانعقاد الحالي سيكون كارثة حقيقية، فلدينا شقق لا يزال إيجارها لا يتجاوز جنيهين شهريًا، وهذا أمر غير منطقي ولا يحقق أي توازن؛ نحن نسعى للحفاظ على العدالة بين الملاك والمستأجرين، لا الانحياز لطرف على حساب الآخر، كما أعتقد أن الإحصائية التي تم تداولها مؤخرًا بشأن وجود 17.97% من الوحدات السكنية بمحافظة القاهرة مغلقة، هي إحصائية صحيحة وقد تكون النسبة أعلى".

 

الشرقاوي: "ننتظر الحكومة.. ولا نستطيع التنبؤ"

من جهته، قال النائب عبدالباسط الشرقاوي، عضو لجنة الإسكان، في حديثه لـ"تفصيلة"، إن اللجنة لم تتسلم حتى الآن أي مشروع قانون رسمي من الحكومة بشأن الإيجار القديم، مشيرًا إلى أن الوضع لا يزال غير واضح، ولا يمكنه التنبؤ بما سيحدث في الفترة المقبلة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن اللجنة تراقب الموقف عن كثب، ومستعدة لمناقشة أي مشروع يُعرض عليها.

المستأجرون يحذرون من المساس بالامتداد القانوني

في المقابل، قال شريف الجعار، رئيس اتحاد المستأجرين، في تصريح خاص لـ"تفصيلة"، إن الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا في 9 نوفمبر الماضي، أكد بوضوح أن "تحريك الأجرة ممكن، ولكن دون غلو أو شطط، ودون المساس بالامتداد القانوني لعقود الإيجار".

وأضاف: "المساس بحقوق المستأجرين قد يؤدي إلى انهيار الثقة في القضاء والدولة، لا سيما أن الامتداد القانوني لعقود الإيجار يمثل ضمانة اجتماعية ودستورية لملايين من الأسر".

وتابع الجعار: "الحكم الأخير أعاد التأكيد على أن الامتداد القانوني لعقد الإيجار قائم، وأن تعديل الأجرة يجب أن يتم وفق معايير علمية عادلة، من خلال لجان رسمية تحت إشراف المحافظات، وهو ما نص عليه قانون رقم 49 لسنة 1977، الذي لا يزال ساريًا حتى اليوم".

 

الملاك ينتظرون العدالة.. والحكم الأخير ينسف بقاء الأجرة الثابتة

على الجانب المقابل، أكد الدكتور أحمد البحيري، مستشار جمعية المتضررين من قانون الإيجار القديم، أن "الملاك ينتظرون بفارغ الصبر تدخل الحكومة والبرلمان لإنهاء الوضع القائم"، مشيرًا في تصريحات متلفزة سابقة إلى أن الحكم الصادر مؤخرًا عن المحكمة الدستورية، والذي أبطل تثبيت الأجرة في قانون رقم 136 لسنة 1981، ينسف فكرة الأجرة الثابتة، ويمهد الطريق أمام تعديل شامل يحقق العدالة.

وأكد البحيري أن "بقاء الوضع كما هو عليه لم يعد مقبولًا، وأن عدم التحرك في هذا الملف يُعد خذلانًا لشريحة واسعة من المواطنين الذين فقدوا حقهم في الاستفادة من عقاراتهم".

 

تطورات قانون الإيجار القديم

تظل قضية الإيجار القديم أحد الملفات الشائكة التي تتطلب توازنًا دقيقًا بين حقوق الملاك والمستأجرين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. 

ومع الحراك البرلماني المكثف لحسم هذا الملف، يظل الأمل معقودًا على التوصل إلى حل عادل يضمن حقوق جميع الأطراف ويُجسد مبادئ العدالة والمساواة.

ويُعد السعي نحو إصدار تشريعات تنظم العلاقة بين الملاك والمستأجرين خطوة مهمة في إطار إعادة هيكلة سوق العقارات في مصر، بما يتماشى مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.

تم نسخ الرابط