أسرار في حياة سليمان عيد.. خطب بـ50 جنيهًا وعاش نصف عمره مديون (فيديو)

رغم خفة ظله التي لطالما أضحكت الجمهور، ورغم حضوره المحبب الذي ميّز كل ظهور له، عاش الفنان الراحل سليمان عيد حياة قاسية، مليئة بالتحديات والصراعات، خطب بـ50 جنيهًا، وعاش نصف عمره مديونًا، يخفي أوجاعه خلف نكاته وابتساماته.
فقد ودّعت مصر أحد رموز البهجة البسيطة في عالم الفن، والذي وإن لم يكن نجم شباك، إلا أنه كان نجمًا في قلوب الناس.
جنازته الحزينة والمشاعر التي عمّت مواقع التواصل الاجتماعي، كانت دليلًا على المكانة التي حازها هذا الفنان الطيب في وجدان المصريين.
البدايات الصعبة.. والكرامة المجبورة
لم يكن سليمان عيد ابن عائلة ثرية، بل نشأ في بيت بسيط، وتربى على مبادئ الجدعنة والعزة، وكان والده يردد عليه دائمًا: "لا تستدن من أحد ولو بجنيه واحد". لذا، لم يكن غريبًا أن يرضى بأبسط الأعمال ليكسب قوت يومه بشرف.
تزوج وهو لا يملك سوى 50 جنيهًا، وبعد الزواج وجد نفسه غارقًا في الديون، من أقساط شقة وفرش ومصاريف فرح، في ظل قلة العروض الفنية، فدخل في دوامة نفسية واقتصادية أثّرت على مشواره.
لكن زوجته "عبير" والتي لم تكن من الوسط الفني، كانت سندًا حقيقيًا له، وقفت إلى جواره في أحلك اللحظات، وكان يصفها دومًا بأنها وش السعد في حياته.
عزة النفس
في إحدى المرات، وبعد زواجه مباشرة، قرر أن يعمل في المجاميع بأحد المسلسلات، فقط ليسدد ما عليه من ديون. لكنه حين وصل إلى موقع التصوير، تفاجأ بزملائه من أيام المعهد وقد أصبحوا أبطالًا للعمل، فشعر بالحرج وقال لهم إنه جاء "يُسلّم فقط".
حينها، عرض عليه المخرج أن يُدرج اسمه ضمن المجاميع دون أن يحضر، حتى لا يشعر بالإهانة. لكنه رفض، وقال: "لن آكل حرامًا.. وسأؤدي دوري مهما كان صغيرًا، المهم أن أكون صادقًا مع نفسي".
اللقاء الذي غيّر مصيره
الفرج جاء على يد الزعيم عادل إمام، حين حضر سليمان عيد بروفة لمسرحية "الزعيم" صدفة مع صديقه محمود البزاوي، وطلب أن يشارك. وبينما كان العرض على وشك الانطلاق، تأجل أسبوعًا، وسمع عادل إمام بقصته، وطلب من المخرج شريف عرفة ضمه إلى الفريق.
وبدلاً من أجر بسيط، تدخل الزعيم ليرفع أجره إلى 1500 جنيه، وقال: "هذا الرجل يستحق الدعم"، وهو موقف لم ينسه سليمان أبدًا، وظل يردده في لقاءاته وذكرياته.
دمعة بسبب "مرسيدس"
حين تحسنت أحواله وامتلك سيارة مرسيدس حديثة، بدأ البعض يتحدث عن سعرها وقيمتها الكبيرة، وكأنهم نسوا أنه قضى عمره مكافحًا. يومها، دمعت عيناه وقال: "ليتهم يعلمون كم تعبت، وكم ذقت الفقر حتى وصلت إلى هذه المرحلة.. لقد دفعت ثمن الراحة دمًا ودموعًا."
الضحكة التي كانت تغطي الألم
رحل سليمان عيد، وبقيت ضحكته محفورة في الذاكرة، وبقيت حكاياته درسًا في الكفاح والرضا والكرامة. لم يكن بطلًا أول، لكنه كان بطلًا في الصبر والإنسانية. ومهما تغيّرت الوجوه على الشاشة، ستظل ضحكته خفيفة، وصورته في القلب.