تحديات الماضي وإنجازات الحاضر
سيناء مهد الأنبياء والكنوز والانتصارات.. ما لا تعرفه عن أرض الفيروز
لقرون عدة كانت أرض الفيروز مطمعًا لكثير من القوى الاستعمارية عبر العصور المختلفة بسبب موقعها الجغرافي الفريد، إذ تقع سيناء بين قارات آسيا وأفريقيا، وتربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، ما يجعلها نقطة تقاطع رئيسية للتجارة، والتأثيرات الثقافية، والتاريخية، بالإضافة إلى كونها أرض مقدسة خطى على أرضها العديد من الأنبياء وبها كلم النبي موسى ربه.
وعلى مر السنين، شهدت سيناء العديد من الصراعات والتطورات، وكانت أرضًا مهمة في العديد من الحروب القديمة، وحديثا لعبت سيناء دورًا كبيرًا في الصراع العربي الإسرائيلي، حيث كانت محط أنظار العالم خلال الحروب التي خاضتها مصر بداية من حرب 1956، مرورًا بحرب 1967، وصولا إلى النصر في 1973، التي انتهت بعودة شبه الجزيرة إلى السيادة المصرية.
الدولة تواجه تحديات الماضي بإنجازات المستقبل
ورغم التحديات التي واجهتها في الماضي، هناك اهتمام متزايد في السنوات الأخيرة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، بتطوير سيناء من خلال مشاريع تنموية عملاقة، تهدف إلى تطوير البنية التحتية وتحسين مستويات المعيشة، وزيادة الاستثمارات في مختلف المجالات مثل السياحة، والزراعة، والطاقة، لتعزيز استقرار المنطقة وتحقيق النمو المستدام، خاصة وأن سيناء تحتوي على موارد طبيعية غنية، مثل المعادن والفوسفات، بالإضافة إلى موقعها المميز الذي يجعلها منطقة ذات إمكانيات كبيرة في مجالات مثل السياحة.
حزام سكاني ومشاريع بأرض الفيروز
وخلال آخر 10 سنوات، عملت مصر على عمل حزام سكاني، وزيادة نسب العمران في أرض الفيروز بالإضافة إلى المشاريع العملاقة التي جرى إنشائها، وكذا الطرق والبنية التحتية، ومحطات المياه والصرف الصحي، والاهتمام بالصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية.
اقرأ أيضا..
رفض عربي لمقترح الرئيس الأمريكي ترامب بإخلاء قطاع غزة من الفلسطينيين
وبحسب وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، كثفت الحكومة جهودها لتنمية سيناء، وكان ذلك واضحًا في خطة العام المالي الجديد 2024/2025 التي تعتبر أن تعمير سيناء خيار استراتيجي لابد منه لتحفيز التنمية المستدامة في المنطقة، وذلك عبر التركيز بشكل كبير على تحسين البنية التحتية وتعزيز القطاعات الاقتصادية الحيوية مثل الزراعة والري والنقل.
خطة تنمية سيناء 2025
ترتكز خطة التنمية التي وضعتها مصر لسيناء خلال العام 2025، على إقامة 5 تجمّعات تنموية في شمال سيناء كمرحلة أولى، لتكون جزءًا من خطة لتحسين المعيشة في شمال سيناء وتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين، وستساعد هذه التجمعات السكان على الاستفادة من مشروعات التنمية الزراعية والصناعية التي سيتم تنفيذها في المنطقة.
استثمارات قياسية لدعم مشروعات التنمية
وحرصت مصر على زيادة الاستثمارات في سيناء، إذ شهدت الاستثمارات العامة الموجهة لتنفيذ المشروعات في سيناء ومدن القناة زيادة غير مسبوقة، حيث تضاعف حجم الاستثمارات بنحو عشرة أضعاف، ليصل إلى 58.8 مليار جنيه في العام المالي 2023/2024، مقارنة بـ 5.9 مليار جنيه في عام 2013/2014.
ويعد هذا النمو الضخم انعكاسا للتوجه الجاد نحو تنمية المنطقة وتحفيز الاقتصاد المحلي، وذلك عبر إدراج 377 فرصة استثمارية ضمن الخريطة الاستثمارية التي تم إطلاقها عام 2018، منها 180 فرصة صناعية، ما يعكس تنوع الأنشطة الاقتصادية في المنطقة.
وفي خطوة لتعزيز بيئة الاستثمار، تم افتتاح 3 مراكز لخدمة المستثمرين بتكلفة بلغت 212.7 مليون جنيه، حيث تسهم هذه المراكز في خدمة نحو 7.5 ألف شركة وتسهيل إجراءات الاستثمار في سيناء.
خطة تنمية شاملة في شمال سيناء باستثمارات ضخمة
في إطار سعيها لتنفيذ استثمارات ضخمة خلال خطة طويلة الأمد، يجري تنفيذها على مدار 5 سنوات، وضعت الدولة استراتيجية خطة لجذب ما يقارب 363 مليار جنيه، يجري ضخها في عدد كبير من المشروعات بـ«رفح، العريش، الشيخ زويد، بئر العبد، الحسنة، ونخل»، لتحسين مستوى معيشة المواطنين في المنطقة.
بالإضافة إلى إنشاء مجتمعات زراعية وعمرانية وصناعية وسياحية جديدة، وكذا خلق بيئة جاذبة للاستثمار، بما يساهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي.
تطوير الأنفاق والطرق
بدأت مصر والأردن والعراق في تنفيذ الخط العربي، الرابط بين الدول الثلاث، والذي جاء بالتنسيق بين وزارات النقل في كل من هذه الدول، وبدأ تشغيل مرحلته الأولى بداية العام الجاري.
وتمثل المرحلة الأولى من مشروع الربط اللوجستي بين ميناءي العقبة الأردني ونويبع المصري على خليج العقبة خطوة هامة نحو تعزيز التجارة الإقليمية والدولية، وفي الوقت الحالي، يتم شحن البضائع عبر سيناء إلى موانئ العريش وشرق بورسعيد ودمياط والإسكندرية، ومنها إلى الموانئ الأوروبية والأمريكية، ما يسهم في تسهيل حركة التجارة بين مصر والدول الأوروبية والأمريكية.
وهذا المشروع يعد خطوة استراتيجية لتطوير البنية التحتية اللوجستية في المنطقة، ما يعزز قدرة مصر على لعب دور محوري في تسهيل التجارة الإقليمية والدولية.
فيما جرى إنشاء 2400 كم من الطرق، أصبحت الحركة بين مدن سيناء ومدن القناة أكثر سلاسة، مما سهل التنقل للمواطنين وتعزيز الحركة الاقتصادية.
أهمية المشاريع الاستثمارية في سيناء
تعمل المشروعات الكبيرة على تحسين جودة الحياة والمعيشة في سيناء، عبر توفير فرص عمل جديدة، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، عبر توجيه استثمارات كبيرة لهذه المشاريع، والتي تسعى الحكومة عبرها إلى تنويع الأنشطة الاقتصادية في سيناء وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية.
اقرأ أيضا..
إعادة توطين الفلسطينيين.. ما هو موقف مصر والأردن من مقترح ترامب؟
بينما يأتي تعزيز الأمن في سيناء، على رأس كل ما سبق، إذ يساهم تعمير سيناء وتطويرها وتحسين بنيتها التحتية وزيادة عدد السكان بها، إلى تعزيز استقرار الأمن والمنطقة بأكملها عبر ظهير سكاني كبير، يضمن المضي قدما في خطط التعمير والتنمية المرجوة.
وتعكس الجهود الحكومية لتنمية سيناء التزام الدولة بتحقيق تنمية شاملة ومستدامة في هذه المنطقة الاستراتيجية، إذ تساهم التنمية في سيناء على إحداث تغيير جذري في أرض الفيروز، من حيث الاقتصاد والأمن.
أرض الرسالات ومهد الحضارات
أرض سيناء لها قدسية عظيمة في الإسلام، حيث أن الله سبحانه وتعالى ذكرها في القرآن الكريم، ومر بها العديد من الأنبياء والرسل، فعلى أرضها خطى الخليل إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة، وفيها تلقَّى النبي موسى الألواح، وعلى أرضها مر يعقوب عليه السلام والأسباط لما قدموا للعيش في مصر، وكذا نبي الله يوسف عليه السلام، وسيّدنا شعيب، والنبي داود، والنبي صالح، والنبي عيسى عليهم السلام.
وبالإضافة إلى أن سيناء كانت مسرحًا للعديد من الأحداث الهامة في تاريخ الأنبياء، فإنها كانت نقطة محورية في رحلة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج.