رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
معتز سليمان

"عصر الذكاء المجاني".. ملامح مستقبل بلا وظائف تقليدية

ثورة شاملة يقودها
ثورة شاملة يقودها الذكاء الاصطناعي

في خضم ثورة تكنولوجية غير مسبوقة، لم يعُد مستقبل العمل والتعلّم والعلاج كما نعرفه، ما كان يُعد سابقًا من قبيل الخيال العلمي، بات اليوم احتمالًا واقعيًا، بل وقريب الحدوث. 

تصريحات بيل جيتس الأخيرة لا تُعد مجرّد توقعات عابرة من رائد تكنولوجي، بل رؤية استراتيجية تُسلّط الضوء على نقطة تحوّل محورية في تاريخ البشرية: الانتقال من "مجتمع الندرة" إلى "عصر الذكاء المجاني".

من خلال هذه الرؤية، يطرح جيتس أسئلة جوهرية تتجاوز الجانب التقني: كيف سيتغيّر شكل الاقتصاد عندما تصبح الخبرات متاحة بضغطة زر؟ وما الذي سيبقى من دور الإنسان في عالم تُعيد فيه الخوارزميات رسم حدود المعرفة والعمل؟ وهل نحن مستعدون اجتماعيًا وتشريعيًا وأخلاقيًا لهذه القفزة؟

في السطور التالية، يستعرض موقع “تفصيلة” أبرز ملامح هذا المستقبل المُعقّد، بين الفرص الهائلة التي يعد بها الذكاء الاصطناعي، والمخاطر العميقة التي قد تنشأ إذا لم يُحسن العالم التعامل مع تداعياته.

توقّع جيتس، الشريك المؤسس لشركة مايكروسوفت، أن يشهد العالم خلال العقد المقبل تحولاً جذريًا في القطاعات الحيوية، مثل الصحة والتعليم، نتيجة التطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، مرجّحًا أن تحل الأنظمة الذكية محل الأطباء والمعلمين بحلول عام 2035.

وفي سلسلة مقابلات إعلامية أجراها مطلع عام 2025، وصف غيتس المرحلة المقبلة بـ"عصر الذكاء المجاني"، مشيرًا إلى أن الخدمات المعرفية المتقدّمة، مثل النصائح الطبية عالية الجودة والدروس الخصوصية المتخصصة، ستكون متاحة مجانًا وعلى نطاق واسع، مما ينهي "ندرة الخبرات" التي لطالما ارتبطت بهذه المهن.

الذكاء الاصطناعي يعالج النقص في الكوادر المؤهلة

يرى جيتس أن هذا التحوّل قد يسهم في سد الفجوة في القطاعات الحيوية، لا سيما في الدول النامية مثل الهند والدول الإفريقية، التي تعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية والتعليمية المؤهلة. 

وأضاف أن الذكاء الاصطناعي سيقدّم خدمات بجودة تضاهي، وربما تتفوق على، تلك التي يقدّمها البشر في بعض التخصصات الدقيقة.

مهن بأكملها تحت التهديد

كما توقّع جيتس أن يمتد تأثير الذكاء الاصطناعي إلى قطاعات أوسع، مثل التصنيع، والضيافة، والخدمات اللوجستية، وحتى بعض الوظائف اليدوية، في ظل التطور المتزايد لتقنيات الروبوتات. كما أشار إلى أن ذلك سيدفع المجتمعات لإعادة التفكير في مفهوم "العمل" نفسه.

وقال إن الوظائف وُجدت بسبب ندرة الموارد، لكن الذكاء الاصطناعي قد يقلب هذا المفهوم رأسًا على عقب. 

واعتبر أن المرحلة المقبلة قد تشهد تقلصًا في عدد ساعات العمل، وظهور أنماط جديدة من الحياة، وربما اختفاء مفهوم الوظيفة كركيزة أساسية لتنظيم الحياة اليومية.

فرص واعدة.. ومخاطر مقلقة

ورغم تفاؤله بالتأثيرات الإيجابية المحتملة، مثل وفرة الخدمات وانخفاض التكاليف، إلا أن جيتس حذّر من التبعات الاقتصادية والاجتماعية لهذا التحوّل، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة واتساع فجوة عدم المساواة. 

ودعا إلى تبني سياسات استباقية مثل "الدخل الأساسي الشامل"، وتعديل قوانين العمل، وتحديث نظم التعليم لتواكب الواقع الجديد.

وظائف ستصمد.. وأخرى ستندثر

أكد غيتس أن بعض المهن التي تعتمد على الإبداع، والذكاء العاطفي، والعلاقات الإنسانية، مثل الفن، والعلاج النفسي، ورعاية الأطفال، ستظلّ صامدة على المدى القريب. 

كما رجّح استمرار الحاجة إلى العنصر البشري في مجالات البرمجة، والبحث العلمي، والطاقة.

وشدّد على أهمية تبني الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، محذرًا من مخاطر المعلومات المضللة، والانحياز الخوارزمي، وهيمنة الشركات الكبرى على هذه التكنولوجيا.

المستقبل بين أيدينا

ودعا جيتس المجتمع الدولي إلى التعامل بجدية مع هذا التحوّل، مؤكدا أن الذكاء الاصطناعي يحمل وعودًا كبرى، لكنه يطرح أيضًا تحديات غير مسبوقة. الطريقة التي سندير بها هذا الانتقال هي التي ستحدد ما إذا كنا سنبني مستقبلًا أكثر عدلاً.. أم سنواجه موجة جديدة من الاضطرابات.

تم نسخ الرابط