رسائل ردع وتحذير من تصفية القضية الفلسطينية
في ذكرى تحرير سيناء.. مصر تُذكّر إسرائيل بثمن تجاوز الخطوط الحمراء

بينما يواجه قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة، تبرز القاهرة كصوت إقليمي يتمسك بمبادئ الشرعية الدولية، ويدافع عن حق الفلسطينيين في أرضهم وسيادتهم، رافضة أي مشروع تصفوي للقضية يُعد خلف الكواليس.
رفض قاطع للتهجير
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي رفض مصر القاطع لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى أي مكان آخر، مشددًا على أن هذا الموقف يأتي دفاعًا عن القضية الفلسطينية ومنعًا لمحاولات تصفيتها، وحفاظًا على الأمن القومي المصري.
جاء ذلك في كلمة الرئيس السيسي التي وجهها إلى الشعب المصري بمناسبة الاحتفال بذكرى تحرير سيناء.
يعكس هذا الموقف إدراكًا استراتيجيًا لما قد يترتب على مثل هذا التهجير من تداعيات خطيرة تمس الأمن القومي المصري، وتهدد بتصفية القضية الفلسطينية عبر فرض أمر واقع جديد.
جهود لوقف إطلاق النار
وأشار الرئيس إلى أن مصر تبذل جهودًا متواصلة من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين المحاصرين.
كما جدد السيسي تأكيد موقف مصر الداعم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، تضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، معتبرًا أن هذا المسار هو الركيزة الأساسية لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة.
ثوابت السياسة المصرية
وأوضح الرئيس أن هذه المبادئ تُشكّل ثوابت السياسة المصرية، التي لا تحيد عنها، مؤكدًا أن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة من شأنه أن يقضي على فرص السلام ويقوّض حل الدولتين.
وشدد الرئيس على أن مصر تقف كما عهدها التاريخ سدًا منيعًا، أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وتؤكد أن إعادة إعمار قطاع غزة، يجب أن تتم وفقًا للخطة العربية الإسلامية، دون أي شكل من أشكال التهجير.
دعوة لدور أمريكي إيجابي
وفي هذا السياق، دعا الرئيس السيسي، نظيره الأمريكي دونالد ترامب للعب دور في إحلال السلام العادل في الشرق الأوسط، مؤكدًا أنه يجب إعمار قطاع غزة دون أي تهجير للفلسطينيين.
وقال السيسي إن السلام العادل والشامل، لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وفقًا لمقررات الشرعية الدولية؛ فذلك وحده هو الضمان الحقيقي لإنهاء دوائر العنف والانتقام.
ولفت السيسي إلى أن التاريخ يشهد أن السلام بين مصر وإسرائيل، الذي تحقق بوساطة أمريكية هو نموذج يحتذى به، لإنهاء الصراعات والنزعات الانتقامية، وترسيخ السلام والاستقرار.
خطة مصرية لإعادة الإعمار
وفي 4 مارس، اعتمدت قمة عربية طارئة بشأن فلسطين خطة قدمتها مصر لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، على أن يستغرق تنفيذها خمس سنوات، بتكلفة تقدر بحوالي 53 مليار دولار.
لكن إسرائيل والولايات المتحدة رفضتا الخطة وتمسكتا بمخطط يروج له ترامب لتهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود تحت الأنقاض.
ذكرى تحرير سيناء
ويأتي هذا الخطاب في وقت تحتفل فيه مصر بالذكرى الـ42 لانسحاب آخر جندي إسرائيلي من سيناء في 25 أبريل 1982، تنفيذًا لاتفاقية السلام الموقعة عام 1979، وهو اليوم الذي رفعت فيه مصر علمها على مدينة رفح، بعد نصر أكتوبر المجيد عام 1973.
وأكد السيسي أن تحرير سيناء عبر الحرب والدبلوماسية سيظل شاهدًا خالدًا على صمود مصر وشعبها وجيشها ومؤسساتها، مشددًا على أن سيناء ستبقى دائمًا رمزًا لصلابة المصريين في وجه المعتدين على مرّ العصور.
وأشار الرئيس كذلك إلى نجاح مصر في دحر قوى الإرهاب والتطرف التي حاولت السيطرة على أجزاء من سيناء خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن الشعب المصري قدّم تضحيات كبيرة من دماء أبنائه من القوات المسلحة والشرطة المدنية من أجل حماية سيناء ومصر كلها من قوى الظلام.
نوه السيسي بأن جهود التنمية الشاملة في سيناء مستمرة، وتشمل قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية، والزراعة والصناعة والعمران، ضمن مشروع وطني ضخم يُمثل واجبًا مقدسًا يليق بتضحيات المصريين من أجل حماية الوطن.
وأشاد الرئيس السيسي بالمصريين على رؤيتهم الرصينة وفهمهم العميق للتحديات الجسيمة التي تواجه مصر والمنطقة على نطاق أوسع، مشيرا إلى أن هذا التضامن أظهر قدرة الجبهة الداخلية على الصمود في وجه محاولات بث الفتنة أو زعزعة الاستقرار.