بالأرقام| هول حرب غزة.. حالات الانتحار بين الجنود الإسرائيليين إلى مستوى قياسي

هول الحرب في غزة، والخوف والقلق والحالة النفسية المتردية التي تفتكُ بالجنود الإسرائيليين، تعكسها معطيات رسمية نشرها جيش الاحتلال، الخميس، تشير إلى ارتفاع غير مسبوق في حالات الانتحار خلال العام المنصرم 2024.

لا تنحصر خسائر جيش الاحتلال في ميادين القتال في غزة أو لبنان فقط، حتى من عاد من تلك المواجهات الضارية واجه حربًا نفسية قادته نحو الانتحار، نتيجة المشاركة المستمرة في المعارك.

ولأول مرة منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ذكر جيش الاحتلال في بيان، أن 21 جنديًّا أقدموا على الانتحار في العام 2024، مقارنة مع 17 في العام 2023، بينهم 7 بعد اندلاع الحرب.

رقم قياسي 

وحسب المعطيات، ارتفع الجنود الإسرائيليين المنتحرين إلى 28 جنديًّا منذ بداية حرب غزة، ليسجل رقمًا قياسيًّا خلال 13 عامًا الأخيرة بلغ نحو 38 جنديًّا في العامين 2023 و2024.

وللمقارنة، فإن 14 أقدموا على الانتحار في العام 2022، و11 في العام 2021، و9 في العام 2020، و12 في العام 2019، و9 في العام 2018، وفق إحصاءات إسرائيلية.

ويعزو جيش الاحتلال هذا العدد المرتفع من حالات الانتحار غير المسبوق في صفوف جنوده، إلى التجنيد المكثف للاحتياط.

وأظهرت معطيات جيش الاحتلال أن من بين 17 جنديًّا انتحروا في 2023، 7 منهم في الخدمة الإلزامية، و4 في الجيش، و6 في الاحتياط.

وفي عام 2024 وحده، انتحر 21 جنديًّا، 7 منهم في الخدمة الإلزامية، و2 في الجيش، و 12 في الاحتياط.

وحول حالات الانتحار، ذكر جيش الاحتلال أنه افتُتح خطّ مساعدة للصحة العقلية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وأنه يضع خطة للتعامل مع الضائقة النفسية للجنود حتى بعد انتهاء الحرب.

ومنذ بداية الحرب، قُتل 891 جنديًّا إسرائيليًّا في الخدمة النظامية والدائمة والاحتياطية، وأصيب نحو 5569 جنديًّا، بينها 815 إصابة خطيرة، و1387 إصابة متوسطة، وفق معطيات جيش الاحتلال.

وتفصيلًا، في 2023، قُتل 558 جنديًّا إسرائيليًّا في الخدمة النظامية والدائمة والاحتياطية، مقارنة بـ44 قتيلًا في 2022.

- 329 جنديًّا في هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حركة حماس على قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية محاذية لقطاع غزة.

- 512 من الجنود خلال العمليات العسكرية.

- 16 جنديًّا في حوادث مختلفة، منها: 2 في حوادث تدريب، 4 في حوادث طرق مدنية، 5 في حوادث طرق عسكرية، 1 في حادثة سلاح، و4 في حوادث أخرى.

- 10 جنود بسبب أمراض.

- 3 جنود في هجمات نفذتها المقاومة الفلسطينية.

- 17 جنديًّا في حوادث انتحار، بينهم 7 جنود بعد 7 أكتوبر 2023.

وفي عام 2024، قُتل 363 جنديًّا من الخدمة النظامية والدائمة والاحتياطية، مقارنة بـ558 في عام 2023.

- 295 جنديًّا قُتلوا خلال العمليات (الحرب).

- 23 جنديًّا في حوادث مختلفة، منها: 17 في حوادث طرق مدنية، و3 في حوادث طرق عسكرية، و3 في حوادث أخرى.

- 13 جنديًّا نتيجة الأمراض.

- 11 في هجمات نفّذتها المقاومة الفلسطينية.

- 21 جنديًّا قُتلوا في حوادث انتحار.

أرقام لا تعكس الحقيقة 

وفي حين بلغ إجمالي عدد قتلى جيش الاحتلال نحو 921 جنديًّا خلال عامي 2023 و2024، لا تعكس هذه الأرقام - وفق وسائل إعلام إسرائيلية - حقيقة ما يقع بشكل تفصيلي.

ويواجه جيش الاحتلال اتهامات عديدة بعدم الإفصاح عن الأرقام الحقيقية لخسائره في الحرب أو العدد الكامل للجنود المنتحرين أو الذين حاولوا الانتحار.

طول أمد الحرب

تزايد عدد المصابين في صفوف جنود الاحتلال بالاضطرابات النفسية الحادة، ومعاناة بعضهم من ميول انتحارية، أرجعه استشاري الطب النفسي جمال فرويز، إلى طول أمد الحرب، وعدم وضوح الرؤية بشأن إنهاءها.

ويضع القتال المستمر في غزة الجنود الإسرائيليين تحت وطأة المعاناة من الأمراض النفسية التي تتراوح بين الاكتئاب والوساوس والميول الانتحارية، وصولًا إلى اضطراب ما بعد الصدمة، وهي أعراض مزمنة تحتاج وقتًا طويلًا للعلاج، وفق قرويز.

ويعتبر استشاري الطب النفسي أنه كلما كان الهدف من الحرب غير واضح مع تزايد عدم الشعور بالأمان، فهذا يؤثر بشكل حاد على الحالة النفسية للمقاتل، كما تزداد حالات الانتحار للهروب من الواقع الصعب والضغوط خاصة مع طول أمد الحرب.

ظاهرة انتحار الجنود

يشار إلى أن ظاهرة انتحار الجنود ليست حديثة، فبعد الحرب العالمية الثانية (1945) انتحر العديد من العسكريين والقادة الألمان من بينهم أدولف هتلر نفسه إثر الهزيمة التي حلت بهم.

وفي معركة (فالترات - 1916) التي وقعت خلال الحرب العالمية الأولى بين القوات الألمانية والفرنسية، وانتهت بنصر الفرنسيين، شهدت العديد من حالات انتحار الجنود الألمان، تجنباً للإذلال بعد الهزيمة. 

وفي معركة (سويحان- 333 ق.م) والتي وقعت بين الجيش الأممي بقيادة الإسكندر الأكبر، وبعد انهيار الجيش الفارسي، انتحر العديد من جنوده.

حرب العراق 

وسجلت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، 154 حالة انتحار بين الجنود في أول 155 يومًا من عام 2012، أي بعد الانسحاب الأمريكي من العراق.

ووصف وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، ليون بانيتا، في مذكرة، انتحار الجنود، بأنه واحدة من أكثر المشكلات التي تواجه الجيش الأمريكي تعقيدًا. 

وارتفع هذا العدد إلى 550 جنديًّا أمريكيًّا في العام 2022، أي بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وفق إحصاءات وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون).