من يملك الحق في البقاء بمسكن الزوجية بعد انتهاء الحضانة؟

أرست المحكمة الدستورية العليا مؤخرًا مبدأ قانونيًا جديدًا يعيد تحديد حقوق الحضانة بعد الطلاق، ويُحدث تحولًا كبيرًا في إحدى القضايا الأكثر جدلًا بين الأزواج المنفصلين: "من يملك الحق في البقاء في مسكن الزوجية بعد انتهاء الحضانة؟".
هذا القرار الصادر من أعلى سلطة قضائية في مصر يُفتح الباب أمام المطلقين لاسترداد مسكن الحضانة، وينهي سنوات من التضارب القانوني والاجتماعي حول هذا الملف الحساس.
استرداد شقة الحضانة للمطلقين
تضمن المبدأ الأول الذي أعلنت عنه المحكمة بأن حق الحاضنة في الاحتفاظ بمسكن الحضانة ينتهي فور بلوغ الأطفال سن الحضانة الإلزامي، وبذلك، يُصبح المسكن الذي توفره الدولة أو الذي يلتزم الأب بتوفيرها، من حقه استرداده فور انتهاء هذه المرحلة، إذا ثبت أن له الحق في الاحتفاظ به قانونًا.
تفسير المادة (18 مكررًا ثالثًا) من قانون الأحوال الشخصية
أوضحت المحكمة في حيثيات الحكم أن نص المادة (18 مكررًا ثالثًا) من قانون الأحوال الشخصية قد فُسر بما لا يدع مجالًا للشك، بأن التزام الزوج المطلق بتوفير مسكن الحضانة ينقضي مع انتهاء الحضانة الإلزامية. هذا التفسير ينهي حالة الجدل القانونية والاجتماعية التي دامت لعقود، ويمنح الآباء دفعة نحو المساواة في الحقوق بعد الطلاق.
في تطور مثير، فرّقت المحكمة بين "الحضانة الإلزامية" و"الاستبقاء الاختياري"، وهي حالة يُمنح فيها الحاضنة إذنًا من القاضي بالاستمرار في رعاية الأبناء بعد سن الحضانة الإلزامية، شريطة أن تكون هذه الرعاية تطوعية ولا تُرتب عليها حقوقًا إضافية مثل الاستمرار في مسكن الزوجية.
بمعنى آخر، حتى إذا استمرت الأم في رعاية الأطفال بعد انتهاء الحضانة الإلزامية، فإنها لا تحتفظ بحق البقاء في مسكن الزوجية، لأن الرعاية التي تقوم بها هي خدمة طوعية وليست واجبًا إلزاميًا.
التزام على الدولة
لم تكتفِ المحكمة الدستورية العليا بإصدار هذا التفسير، بل وجهت رسالة صريحة إلى جميع الجهات المعنية في الدولة، بما فيها المحاكم، بضرورة احترام وتنفيذ هذا الحكم.
جاء ذلك بموجب سلطتها المستمدة من الدستور (المادة 195) وقانون المحكمة (المادة 49)، حيث أشارت إلى أن الاجتهادات القضائية السابقة التي كانت تُقر ببقاء الحاضنة في المسكن بعد انتهاء الحضانة، يجب أن تُتجاهل، معتبرةً إياها "عقبة" أمام تنفيذ أحكامها.
الأثر الرجعي في القضايا الجنائية
أما بالنسبة للمبدأ الثاني الذي أرسته المحكمة، فكان يتعلق بالأثر الرجعي لأحكام عدم دستورية نصوص في المواد الجنائية. حيث أوضحت المحكمة أنه يجب أن يكون للحكم بعدم دستورية نص جنائي تأثير مباشر على حكم الإدانة. إذا لم يكن ذلك النص أساسًا للحكم أو لم يؤثر فيه جوهريًا، فلا يُمكن التمسك بالحكم الصادر.
الجعار: الحكم انتصار للعقل القانوني
وفي تعليق على الحكم، أكد المحامي بالنقض شريف الجعار أن هذا القرار يُعد "انتصارًا للعقل القانوني"، مشيرًا إلى أنه يُعيد التوازن لقضايا الحضانة التي ظلت لسنوات تُحسم بالعاطفة أكثر من النصوص القانونية.
وأضاف الجعار لـ"تفصيلة" أن هذا المبدأ يحقق العدالة المتوازنة بين الأم والأب، ويحمي الطرفين من استغلال الحضانة لتحقيق مكاسب مادية غير مرتبطة بمصلحة الطفل.
وتابع: "نتمنى أن تُترجم هذه المبادئ إلى واقع ملموس في قاعات المحاكم، وأن تُصبح قرارات المحكمة الدستورية العليا مرجعية لا تُخرق، بل تُحتذى".