رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس مجلس التحرير
عبدالعظيم حشيش
رئيس التحرير
معتز سليمان

سائق «هارب» وطفلة تبحث عن أخيها.. حادث سير يغير حياة أسرة بكرداسة

الشاب عبد الله
الشاب عبد الله

في حادث مأساوي هز أرجاء منطقة كرداسة في شمال الجيزة، تجد «منال»، الطفلة البالغة من العمر عشر سنوات، نفسها أسيرة صمت طويل بعد تعرضها وشقيقها عبدالله لحادث سير مروع.

منذ خمسة أيام، توقفت عن الكلام، والأكل، بل وحبست نفسها في دائرة لا نهاية لها من الانتظار والترقب في لحظة غير متوقعة، كان عبدالله، البالغ من العمر 17 عامًا، يرافق شقيقته الصغيرة في نزهة خفيفة على طريق المحور.

لم يكن يعلم أن تلك الرحلة البسيطة ستنتهي بكارثة، حيث كانت سيارة مسرعة تهجم عليهما فجأة، وتدهسهما دون رحمة.

«هو اللي شايل البيت، من بعد ما أبوهم مات، عبدالله بقى الأب والأخ والسند»، يقول سعيد، الأخ الأكبر، بحزن عميق، وهو يروي كيف أن شقيقه كان دائمًا العمود الفقري للأسرة بعد وفاة والدهما قبل خمس سنوات، بعد النزهة، كان عبدالله ومنال في طريق العودة إلى المنزل عندما تعرضا للحادث المروع.

كان الوقت يقترب من الساعة 11 مساءً، وعندما كانا ينتظران ميكروباصًا عند نقطة شرطة بشتيل، صدمتهما السيارة بسرعة جنونية، ورغم شدة الحادث، لم يتوقف السائق لمساعدتهما.

في ذلك الوقت، كان سعيد يراقب المشهد بقلق عميق، قائلًا: «الناس قالوا إن العربية كانت جاية بسرعة جنونية، خبطتهم ومكملتش، حتى ما حاولش يشوفهم عايشين ولا لأ».

بعد الحادث، تم نقل عبدالله إلى المستشفى في حالة حرجة، حيث أصيب بكسر في قاع الجمجمة وتهتك في أنسجة المخ وعظام الوجه، بالإضافة إلى إصابة في العين اليمنى، أما منال، فقد تعرضت لكسور مضاعفة في قدميها، ما جعلها طريحة الفراش في مستشفى قريب.

لكن الكارثة النفسية التي لحقت بمنال لم تكن أقل شدة، رغم خروجها من المستشفى، ظلت ترفض الطعام والشراب، وكان همها الوحيد هو سؤال واحد متكرر: «هو رجع؟».

كانت تعيش حالة من الصمت والانفصال العاطفي عن العالم، وابتعدت تمامًا عن كل شيء سوى سؤالها المستمر عن شقيقها، «ما بتسألش عن حاجة غير عن أخوها»، يقول سعيد، وهو يحاول إخفاء مشاعر الحزن والقلق المتزايد.

أكثر ما يؤلم سعيد هو رؤية شقيقته الصغيرة في هذا الحال، مضيفًا: «أنا مش عارف أقول لها إن أخوها مش هيرجع زي الأول»، التوتر يزداد يومًا بعد يوم، مع تدهور الحالة الصحية لعبدالله: «إحنا مش عايزين غير حقه»، يقول سعيد، وهو يحاول جاهدًا الحفاظ على أمل ضعيف في قلبه، رغم أن الواقع يشير إلى أن السائق الهارب لم يتم القبض عليه بعد.

الأسرة، التي بدأت في البحث عن الجاني، لم تجد أي نتيجة حقيقية، في ظل غياب الأدلة المؤكدة حول هوية السائق أو سيارته.

وفي هذه الأثناء، تواصل أجهزة الأمن ملاحقة السائق الهارب، ولكن دون أي تقدم يذكر، وسط هذه المعاناة، يتساءل سعيد بصوت منخفض: «إحنا مش قادرين نواجه كل ده، ونحتاج الناس تشوفنا، وتشوف معاناتنا».

بينما يستمر الألم النفسي في التفاقم، تظل منال، الطفلة الصغيرة، أسيرة صمتها المرهق، وتظل في انتظار إجابة على سؤالها البسيط: «هو رجع؟».

تم نسخ الرابط