استوديو وهمي وشيوخ مزيفون.. حكاية سقوط عصابة "ازرع نخلة وسقيا الماء"

لم يدرك عشرات البسطاء، الذين أرسلوا أموالهم حبًا في عمل الخير عبر الصدقة الجارية، أنهم وقعوا ضحايا لوهم محبوك بإتقان.
فقد ظنّوا أن تبرعاتهم ستزرع نخيلًا في الصحراء وتُسقي ظمأ العطاشى، دون أن يعلموا أنها استقرّت في جيوب عصابة احترفت الاحتيال، مستغلة رغبتهم في الثواب وبراعتها في صناعة الخداع، تحت شعار زائف اسمه: "ازرع نخلة وسقيا الماء".
بداية الحكاية
بدأت القصة بفخّ محكم نصبه مجموعة من النصّابين، خدعوا المواطنين بمشاهد مصطنعة وكلمات منمّقة، ظاهرها الرحمة وباطنها الطمع والاستغلال.
استعان أفراد العصابة بأسماء دينية وشعارات كاذبة، ليغلفوا جرائمهم بعباءة التدين الزائف.
كشف المستور
كشفت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة، أن البداية كانت عندما نجحت أجهزة الأمن بوزارة الداخلية في ضبط عصابة اتخذت من شقة سكنية مقرًا لقناة فضائية غير مرخّصة.
تفاصيل الضبط
أوضحت التحقيقات أن العصابة استعانت بشيوخ مزيفين، تقمّصوا شخصيات رجال دين، وظهروا على الشاشة يتحدثون عن الأجر والثواب وفضل التبرع، لاختراق قلوب المشاهدين البسطاء.
وقدّمت العصابة نفسها كمؤسسة خيرية مزعومة، تدّعي تنفيذ مشروعات لزراعة النخيل وتوفير المياه، متخفية وراء شعارات إنسانية براقّة.
كما بثت القناة برامج دينية مزيفة وأحاديث مؤثرة تستعطف مشاعر الجمهور، وتحفّزهم على التبرع لمشروعات خيرية وهمية.
لحظة السقوط
كشفت التحقيقات أنه عقب ورود معلومات وتحريات إلى الأجهزة الأمنية بشأن نشاط العصابة، داهمت القوات المقر الذي تم تجهيزه كاستوديو متكامل، مزود بعوازل وأجهزة صوتية ومرئية صمّمت بعناية لخداع المشاهدين ومنحهم شعورًا بالمصداقية.
وعثرت القوات على أجهزة حديثة، وبرامج مونتاج، وفيديوهات يظهر فيها المنتحلون وهم يقدّمون وعودًا كاذبة.
كما تم العثور على أجولة وأكياس ممتلئة بمبالغ مالية ضخمة جُمعت من المواطنين، بالإضافة إلى إيصالات وأوراق غير رسمية تثبت حصولهم على التبرعات دون أي سند قانوني.
النهاية خلف القضبان
أكدت تحقيقات النيابة أن أفراد العصابة استغلوا القناة لتحقيق مكاسب غير مشروعة، عبر استغلال مظهر المشايخ والكلام الديني المؤثر، حيث اعترف المتهمون أنهم تعمدوا تضليل المواطنين بمشروعات وهمية، وقدموا شخصيات غير حقيقية لتقديم البرامج.
وأمرت النيابة العامة بالتحفظ على المعدات، وغلق المقر، وحبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيقات.