رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
معتز سليمان

نقيب المهندسين: خطة الإعمار العاجلة تنفذ من 6 شهور إلى سنة وغزة ستعود كما كانت في 3 سنوات

في أول حوار له.. نقيب المهندسين يكشف تفاصيل الخطة "المصرية - العربية" لإعمار غزة

تفصيلة تحاور نقيب
تفصيلة تحاور نقيب المهندسين

في لحظة تتزايد فيها التحديات وتتشابك فيها الأجندات، يظل الموقف المصري ثابتًا كالصخر، رافضاً وبوضوح تهجير الشعب الفلسطيني خارج قطاع غزة، وهو ما يبرز جليا في كل المحافل والمناسبات، مؤكداً على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية وكرامة شعبها، ورافضا بشكل قاطع أي حلول تُغلّف التهجير تحت شعارات إعادة الإعمار أو المساعدات الإنسانية.

وفي انسجام تام مع هذا التوجه الوطني، تقدمت نقابة المهندسين المصريين لتضع خبراتها وإمكاناتها في خدمة خطة المصرية - العربية؛ لإعادة إعمار قطاع غزة، مؤكدة أن إعادة الإعمار يجب أن تكون من أجل الفلسطينيين، على أرضهم، وبمشاركتهم، وليس على حسابهم أو خارج حدودهم.

ومن هذا المنطلق جاء حوارنا مع نقيب المهندسين طارق النبراوي، الذي أكد أن النقابة لديها خطة قابلة للتنفيذ لإعادة الإعمار، والتي يمكن تنفيذها في ٣ سنوات فقط وليس في ١٥ سنة كما ادعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وقال النبراوي خلال حواره مع موقع «تفصيلة»، إن نقابة المهندسين، بتاريخها العريق ودورها الراسخ في المشهد الوطني منذ تأسيسها، لم تكن يومًا بعيدة عن أي قضية قومية، وكان من الطبيعي – بل من الواجب – أن تكون في صدارة المواجهة مع هذا الطرح المريب الذي يتحدث عن التهجير كخطة للتنمية.

وأضاف النبراوي أن النقابة بادرت فورًا بتحرك وطني واسع، وجمعت كافة النقابات المهنية تحت راية دعم الشعب الفلسطيني، ورفض مخطط التهجير الذي رُوّج له من قبل الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب تحت لافتة "إعادة التوطين"، واصفًا هذه الأطروحات بأنها "جنونية، متغطرسة، ولا تجد لها سندًا أخلاقيًا ولا هندسيًا".

وأكد أن نقابة المهندسين، بوصفها الاستشاري الأول للدولة في كل ما يتعلق بالشأن الهندسي، قامت بتشكيل لجنة هندسية متخصصة تُعد هي الأقوى من نوعها في مصر، برئاسة اللواء مهندس أحمد زكي عابدين، وتضم نخبة من أبرز العقول والخبرات الهندسية في البلاد.  

"تحركنا كان علميًا ووطنيًا في آنٍ واحد، وجاءت رسالتنا واضحة لا تحتمل التأويل: لا إعمار على حساب الإنسان، ولا مستقبل خارج أرض غزة"؛ النبراوي خلال حواره مع «تفصيلة».

وكشف النبراوي أن اللجنة عقدت مؤتمرًا موسعًا داخل مقر النقابة، بحضور شخصيات سياسية وفنية رفيعة المستوى، خرج بقرار حاسم: لا تهجير لأهل غزة.. والإعمار لا يكون إلا ببقائهم على أرضهم.

وأوضح أن النقابة استندت في خطتها إلى أمثلة تاريخية دامغة، قائلاً: "أمريكا التي ألقت قنابل الدمار على هيروشيما وناجازاكي، لم تُهجّر أهلها. وألمانيا التي دُمرت عن بكرة أبيها، لم تخرج مواطنًا واحدًا من أرضه. فكيف تُطرح هذه الجريمة على غزة؟".

وأشار النبراوي إلى أن النقابة تتعاون في الوقت الحالي مع المهندسين الفلسطينيين داخل القطاع، واستعانت بالنقابات الهندسية في غزة والأردن، لصياغة أول خطة هندسية عاجلة تضمن بقاء الفلسطينيين في أماكنهم، وتوفر لهم مقومات الحياة الكريمة والآمنة رغم الظروف.

مدة تنفيذ الخطة العاجلة لإعادة الإعمار

وعن تفاصيل الخطة، أوضح النبراوي أن ملامحها تشمل إنشاء مدن صغيرة متناثرة على امتداد القطاع، تحتوي مساكن خفيفة الإنشاء ذات مقاومة حرارية واشتعالية مدروسة، إضافة إلى مدارس ومراكز صحية ومرافق خدمية تؤمّن حياة مؤقتة لكن محترمة، مشيرًا إلى أن الخطة العاجلة يمكن تنفيذها خلال فترة تتراوح بين 6 أشهر إلى عام، وتشكّل بوابة للانتقال إلى مرحلة الإعمار الشامل.

وأكد أن مرحلة الإعمار ستُنفذ بأيادٍ فلسطينية خالصة، وبمشاركة شركات متخصصة، وأن غزة تمتلك الكفاءات والخبرات القادرة على استعادة عمرانها دون وصاية من أحد.  

"لقد قمنا بحصر المنشآت المدمرة بالكامل والجزئي، وبدأنا التجهيز الفعلي للانطلاق.. ولن يكون هناك إعمار حقيقي إلا إذا كان ابن غزة هو من يعيد بناء بيته بيده"، هكذا أشار النبراوي في توضيح تفاصيل تنفيذ خطة الإعمار المصرية - العربية.


مدة خطة الإعمار

وقال نقيب المهندسين طارق النبراوي إن اللجنة الهندسية المشكلة لم تكتفِ بوضع خطة إنقاذ عاجلة، بل عملت في الوقت نفسه على إعداد خطة تنموية استراتيجية مدتها ثلاث سنوات، تهدف إلى تحويل غزة من منطقة منكوبة إلى نموذج متكامل للتقدم والإعمار الذاتي.

وتشمل الخطة – بحسب النبراوي – حلولًا جذرية لأزمة المياه من خلال مشاريع تحلية مياه البحر والآبار، وصولًا إلى تحقيق اكتفاء مائي ذاتي، ما يفتح الباب أمام زيادة الرقعة الزراعية وتوفير الغذاء والمياه الأساسية لسكان القطاع.

وأضاف خلال حديثه لـ «تفصيلة»، أن الخطة تتضمن إنشاء مجمعات صناعية صغيرة تُوظف المهارات الفلسطينية وتُعيد دوران عجلة الاقتصاد داخل غزة، بعيدًا عن التبعية والحصار، إلى جانب مشاريع سكنية حديثة يتم تنفيذها وفق المعايير الهندسية العالمية.

وأكد أن هذه الرؤية التنموية تستند إلى مبدأ أساسي: "غزة ليست مجرد منطقة تعاني.. بل منطقة تستحق الحياة والنهضة".

وشدد النبراوي على أن الخطة المصرية – العربية الشاملة لإعمار غزة لا تهدف فقط إلى البناء المادي، بل تحصّن القطاع من مشاريع التقسيم، وتضع حدًا لأي وجود احتلالي، مؤكدًا أن غزة ستظل موحدة، حرة، وشاهدة على صمود شعبها.

وفي نظرة مستقبلية لما بعد الإعمار، أكد نقيب المهندسين أن النقابة تسعى لأن تتحول غزة إلى واحة من التقدم والنمو، وقال: "الخطة بعيدة المدى تشمل توفير مصادر مياه مستدامة عبر تحلية الآبار ومياه البحر، ما يحقق الاكتفاء الذاتي، ويُعزز الرقعة الزراعية، ويضمن مقومات الحياة الحرة والكريمة لشعب يستحق الحياة".

وختم النبراوي حديثه بتأكيده على ثبات الموقف المصري الرسمي تجاه القضية الفلسطينية، قائلاً: "السياسة المصرية واضحة وصريحة، لا تحتمل التأويل. نحن مع الإعمار، مع إنهاء الاحتلال، مع فتح المعابر، ومع إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس؛ وهذا الموقف يحظى بالإجماع الشعبي العربي، ويعكس أصالة الدور المصري الذي لا يمكن لأحد أن يشكك فيه".

تم نسخ الرابط