بعد دعوة عباس.. هل تقبل حماس نزع سلاحها؟

في خضمّ واحدة من أكثر المراحل السياسية حساسية وتعقيداً في تاريخ القضية الفلسطينية، فجّرت تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس موجة جدل واسعة، بعد دعوته الصريحة لحركة حماس إلى تسليم سلاحها والأسرى الإسرائيليين، وإنهاء سيطرتها على قطاع غزة.
هذه التصريحات، التي جاءت في سياق خطاب سياسي داخلي، فتحت الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبل الوحدة الوطنية، وعمق الانقسام الفلسطيني، وتوقيت هذه الدعوة في ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.
توتر متراكم
ردّ حماس، الذي جاء سريعاً وغاضباً، عكس حجم التوتر المتراكم بين الجانبين، وأعاد إلى الواجهة خطوط التماس القديمة بين الضفة الغربية وغزة، ليس فقط على مستوى الجغرافيا، بل أيضاً على مستوى المرجعيات السياسية والأمنية.
في هذا المشهد المتأزم، تبدو دعوة عباس وكأنها تحمل أكثر من دلالة: هل هي محاولة لتجديد شرعية السلطة؟ أم أنها تندرج ضمن ضغط خارجي لتحجيم المقاومة المسلحة لصالح نهج التفاوض؟
وبينما يعيش الفلسطينيون لحظة فارقة تحت القصف والحصار، تأتي هذه التصريحات لتعيد خلط الأوراق داخلياً، وتثير مخاوف من اتساع الشرخ أكثر فأكثر، في وقت تتطلع فيه الأنظار إلى وحدة الموقف الفلسطيني كضرورة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية المتفاقمة.
إمكانية نزع سلاح المقاومة
وأكد اللواء هشام الحلبي، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن الحديث عن نزع سلاح المقاومة الفلسطينية في الوقت الراهن، دون تقديم مشروع متكامل يضمن الأمن للشعب الفلسطيني، يُعد طرحاً غير واقعي ولا يمكن قبوله، سواء على المستوى السياسي أو الأمني.
وأوضح الحلبي، أن ترسانة الفصائل المسلحة في غزة، وعلى رأسها حماس، تعرضت للاستنزاف بفعل العمليات العسكرية المستمرة والحصار المفروض منذ أكثر من عام ونصف، ما أدى إلى تراجع قدرتها التسليحية مقارنة بالماضي.
وشدد على أن روح المقاومة ما زالت قائمة، مشيرًا إلى أن إطلاق الفصائل لصواريخ، حتى وإن قلّ تأثيرها، لا يزال يفرض على إسرائيل إغلاق مطارات مدنية ويثير حالة من الذعر داخل المجتمع الإسرائيلي.
وأشار الخبير العسكري إلى أن مطالبة حماس والفصائل الأخرى بتسليم سلاحها، دون ضمانات حقيقية لحماية الفلسطينيين، أمر مرفوض بطبيعة الحال.
وتابع أن القضية ليست نزع السلاح فحسب، بل تحتاج إلى مشروع سياسي وأمني متكامل، وهو ما يتسق مع المبادرة المصرية التي تدعو إلى سلطة فلسطينية تدير قطاع غزة، وتضمن في الوقت ذاته أمن السكان ومنع تكرار العمليات العسكرية.
ملف الأسرى الإسرائيليين
وفي ما يخص ملف الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، وصفه الحلبي بأنه ورقة ضغط قوية للغاية، لافتًا إلى أن إسرائيل قد تملك بعض المعلومات حول مواقعهم، لكنها تتجنب تنفيذ عمليات لتحريرهم خوفًا من تصفيتهم، ما يزيد من تعقيد الموقف أمام الحكومة الإسرائيلية.
ولفت الحلبي إلى التحركات الميدانية الإسرائيلية في قطاع غزة، موضحًا أن القيادة العسكرية في إسرائيل، شرعت في تنفيذ خطة ميدانية تقوم على تقسيم القطاع إلى أربعة أجزاء، عبر إنشاء محاور متعددة، أبرزها في شمال غزة، ومحور نتساريم، إضافة إلى محاور بين دير البلح وخان يونس، وأخرى تربط خان يونس برفح.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال اعتمد على سياسة تفتيت المدن وضربها بالقوة الجوية والمدفعية، ما دفع السكان للنزوح القسري نحو مناطق أخرى، في ظل واقع إنساني متفاقم ومعاناة متصاعدة للمدنيين.