القاهرة تقود قاطرة التطور عربيا وإفريقيا.. لماذا تتوسع مصر بقطاع الاقتصاد الرقمي؟
مع التطور الكبير الذي يشهده العالم بشكل يومي، في كافة المجالات، يأتي الاقتصاد كواحد من أهم القطاعات التي تتداخل فيها التكنولوجيا بقوة، وتضعه الدولة على رأس أولوياتها، في ظل سعي الرئيس عبدالفتاح السيسي لمواصلة مصر طريقها نحو التحول الرقمي بشكل كامل، عبر الاعتماد على الاقتصاد الرقمي.
الأهمية التي يفرضها التطور الرقمي، ظهرت خلال حديث الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، عن قطاع الاقتصاد الرقمي والذي فرض نفسه على الصعيد العالمي باعتباره قاطرة الاقتصاد المستقبلي، عبر إحداث طفرة كبيرة في الصادرات والعائدات، وبلغ حجمه في مصر قرابة 267 مليار جنيه بنسب نمو جيدة.
اقرأ أيضا..
سيناء مهد الأنبياء والكنوز والانتصارات.. ما لا تعرفه عن أرض الفيروز
تصريحات رئيس الوزراء تحدثت عن فرضية اختفاء بعض الوظائف التقليدية وخلق فرص بديلة في المستقبل، فيما كشف تقرير صادر عن العام المنقضي 2024، أهمية الاقتصاد الرقمي في ظل اقتصاد عالمي متغير ودوره ي صياغة الاقتصاديات الخاصة بالدول المتقدمة منها والنامية.
ما هو الاقتصاد الرقمي؟
الاقتصاد الرقمي هو قطاع واعد ومؤثر عالميًا، ومن المتوقع أن يسهم العام المقبل بما يقارب ربع الناتج الإجمالي العالمي، ما يجعله حجر الزاوية في تشكيل مستقبل الاقتصاد، ولا يقتصر الاقتصاد الرقمي على تحسين كفاءة العمليات الاقتصادية وتعزيز تنافسيتها فقط، بل ينسج في الوقت ذاته نمط جديد للحياة والعمل والتفاعل في المجتمعات الحديثة.
وفي سياق هذا التحول المذهل، يرتبط الاقتصاد الرقمي بمكونات متعددة مثل البنية التحتية والتقنية و الأجهزة والبرمجيات والشبكات، والعمليات الرقمية التي تتم عبر الإنترنت، وكلها تعمل في تناغم وترابط لخلق فرص اقتصادية مهمتها تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي.
الإنترنت ودوره في الاقتصاد الرقمي
ارتبط ظهور الإنترنت خلال تسعينات القرن الماضي، بالمشهد الاقتصادي الحالي، وظهور مصطلح الاقتصاد الرقمي، إذ ساهم في خلق تحولات جوهرية ترتبط ارتباطا وثيقا بالثورة الكبيرة في تكنولوجيا المعلومات، ليصبح الاقتصاد الرقمي محركًا أساسيًا للنمو الاقتصادي.
وجاء ذلك في وقت أسهمت فيه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تعزيز أداء القطاعات الاقتصادية والاجتماعية عبر رفع كفاءتها من خلال تقليل التكاليف والوقت اللازمين لإنجاز المعاملات الاقتصادية والمالية، والخدمات الزراعية والمالية والرعاية الصحية والتعليم.
زيادة دور الاقتصاد الرقمي في الألفية الجديدة
خلال العقدين الأول والثاني من الألفية الجديدة، برز دور الاقتصاد الرقمي في ظل ثورة صناعية كبيرة، ترتكز على الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، ليبدأ العالم في إعادة تعريف مفهوم الاقتصاد العالمي، ما ساهم في حدوث تطور كبير وغير مسبوق.
علاقة الاقتصاد الرقمي بالتنمية المستدامة
تبرز أهمية الاقتصاد الرقمي، في تحقيق النمو الاقتصادي وأهداف التنمية المستدامة، حيث أكدت عدد من وجود علاقة إيجابية بينهما، حيث أجرى الاتحاد الدولي للاتصالات، التابع لمنظمة الأمم المتحدة، دراسة ارتكزت على سلسلة من التحليلات الاقتصادية القياسية على المستوى الإقليمي، ودراسة تأثير استخدام الإنترنت ذات النطاق العريض، سواء الثابت أو المتنقل، على الأداء الاقتصادي، وتقييم مستوى الرقمنة في مختلف الأقاليم الجغرافية ومدى تأثيرها على الناتج المحلي الإجمالي.
اقرأ أيضا..
شركة النصر للسيارات.. قاطرة صناعة المركبات في مصر تعود بقوة
وأظهرت النتائج أن زيادة انتشار الإنترنت ذو النطاق العريض بنسبة 10% في الدول العربية والإفريقية ساهم في رفع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.5%، وهذا التأثير الإيجابي يبرز دور الرقمنة كعامل أساسي لتعزيز الكفاءة الاقتصادية ودعم التنمية المستدامة، خاصة في المناطق النامية التي تستفيد بشكل كبير من توسيع نطاق الوصول إلى التكنولوجيا الرقمية.
وأشارت نتائج الدراسة، إلى أنه رغم التحديات المرتبطة بتقدير الحجم الحقيقي للاقتصاد الرقمي على مستوى العالم، فإن المؤسسات الدولية قدمت مؤشرات توضح مدى تأثيره المتزايد، وبحسب تقديرات البنك الدولي، بلغت مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج الإجمالي العالمي حوالي 15.5% في عام 2016، بينما يُتوقع أن ترتفع هذه النسبة لتصل إلى نحو 26% بحلول عام 2026، ما يعكس النمو المستمر للاقتصاد الرقمي وأهميته المتزايدة كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي العالمي.
الاقتصاد الرقمي في مصر
يعد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أحد أهم اللاعبين الرئيسيين محليا لتعزيز مقومات التنمية المستدامة، إذ سجل نتائج كبيرة على صعيد زيادة مستويات الإنتاجية والتنافسية الدولية، وهو القاطرة الأساسية للاقتصاد الرقمي؛ لذا وضعت مصر التحول الرقمي على رأس أولوياتها في استراتيجية التنمية المستدامة 2030.
وتحتل مصر الصدارة بين الدول العربية المستثمرة في قطاع التكنولوجيا؛ لأهمية التحول الرقمي الذي ترتكز عليه استراتيجية القاهرة لبناء مصر الرقمية، وضع الحكومة محاور 3 لذلك هي «التحول الرقمي، والمهارات والوظائف الرقمية، والإبداع الرقمي» ما ساهم في قطع مصر مشوار طويل وسريع لتفعيل التحول الرقمي في مختلف المجالات، ونجحت في تأسيس وتطوير بنية تحتية رقمية قوية؛ ما كان سببا رئيسيا في استيعاب الطلب خلال أزمة جائحة كوفيد-19.
مكاسب قطاع الاتصالات المصري من الاقتصاد الرقمي
حقق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصر يتطورًا ملحوظًا تُرجم إلى إنجازات بارزة على أرض الواقع، حيث بلغت إيرادات القطاع خلال العام المالي 2022/2023 نحو 315 مليار جنيه، مسجلًا نموًا بنسبة 75% مقارنة بالعام المالي السابق، كما حقق القطاع معدل نمو بلغ 16.3% خلال العام نفسه، ليصبح الأعلى نموًا بين قطاعات الدولة للعام الخامس على التوالي، ما يعكس دوره المحوري في دعم الاقتصاد المصري وتعزيز مسيرته التنموية.