تصاعد التوتر بين الهند وباكستان.. الجارتان النوويتان على بعد خطوة من حرب مفتوحة

دخلت العلاقات المتوترة أصلاً بين الهند وباكستان مرحلة تصعيد خطيرة، مع تبادل البلدين لسلسلة من الإجراءات العقابية في الأيام الماضية، ما أثار مخاوف إقليمية ودولية من احتمال انزلاق النزاع نحو مواجهة مفتوحة بين الجارتين النوويتين.
فقد تبنى مجلس الشيوخ الباكستاني، الخميس، قرارًا بالإجماع أدان فيه ما وصفه بـ"الحملة الهندية المنسقة لتشويه سمعة باكستان على الساحة الدولية"، محذرًا من أن استمرار هذه السياسات العدائية قد يقوّض الاستقرار الهش في جنوب آسيا.
القرار الباكستاني جاء في أعقاب تقارير استخباراتية وإعلامية أفادت بأن الهند كثّفت حملات دعائية ضد باكستان، متهمة إياها بدعم جماعات مسلحة عبر الحدود، وهي اتهامات نفتها إسلام أباد بشدة، معتبرة إياها جزءًا من استراتيجية أوسع لعزلها دبلوماسيًا.
باكستان تلوّح بالقوة النووية
في موقف يعكس مدى التوتر، أكدت باكستان مجددًا امتلاكها ترسانة نووية وصواريخ متنوعة قادرة على الردع، وشددت على أنها سترد بحزم على أي اعتداء على أراضيها أو سيادتها.
كما استدعت وزارة الخارجية الباكستانية السفراء الأجانب المعتمدين لديها لاطلاعهم على طبيعة الإجراءات الهندية الأخيرة، ولعرض موقفها الرسمي من التصعيد.
وصرح المتحدث باسم الخارجية الباكستانية بأن باكستان بلد مسؤول، لكنها لن تتهاون مع أي محاولات تهدد أمنها القومي، وتمتلك جميع الأدوات اللازمة للدفاع عن مصالحها بكل حزم.
الهند تواصل الضغط السياسي والدبلوماسي
في المقابل، تتمسك الهند بموقفها، متهمة باكستان بدعم مجموعات مسلحة تنشط ضدها، خاصة في إقليم كشمير المتنازع عليه.
وقد اتخذت الحكومة الهندية مؤخرًا عدة خطوات دبلوماسية، من بينها الضغط على بعض العواصم الدولية للحد من علاقاتها مع باكستان، وطلب تصنيف بعض المنظمات المرتبطة بإسلام أباد كـ"كيانات إرهابية".
وتعمل نيودلهي كذلك على تعزيز حضورها الدبلوماسي في المنظمات الإقليمية والدولية، مثل منظمة شنجهاي للتعاون ورابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي (السارك)، لدعم موقفها ضد باكستان.
خلفية تاريخية للتوتر الدائم
العلاقات بين الهند وباكستان لطالما اتسمت بالتوتر منذ استقلالهما عن الحكم البريطاني في عام 1947. وقد خاض البلدان ثلاث حروب كبرى (1947-1948، 1965، 1971) كانت معظمها بسبب النزاع على إقليم كشمير.
وفي عام 1998، أجرى البلدان تجارب نووية متبادلة، ما أضفى طابعًا أكثر خطورة على أزماتهما المتكررة، وجعل أي تصعيد عسكري بينهما محط قلق عالمي بسبب احتمالية تحوله إلى مواجهة نووية كارثية.
على مدار العقدين الماضيين، تراوحت العلاقة بين فترات توتر شديدة وأخرى من الحوار المتقطع. وشهدت الفترة الأخيرة جمودًا دبلوماسيًا شبه كامل، خاصة بعد إلغاء الهند الوضع الخاص لجامو وكشمير في أغسطس 2019، وهي الخطوة التي أثارت غضبًا شديدًا في باكستان.
مخاوف من تصعيد أكبر
يحذر مراقبون دوليون من أن استمرار التصعيد اللفظي والدبلوماسي قد يقود إلى اشتباكات محدودة على الحدود أو حتى إلى أزمة مفتوحة، خاصة أن البلدين يمتلكان قوات مسلحة على درجة عالية من الجاهزية.
ودعت أطراف دولية، بما في ذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة، إلى ضبط النفس واستئناف الحوار المباشر بين الجانبين، مشددة على أن الاستقرار في جنوب آسيا يمثل مصلحة إقليمية ودولية.
يأتي ذلك وسط تحذيرات من أن أي انزلاق للأحداث بين الهند وباكستان لن يبقى محصورًا داخل حدودهما، بل قد تكون له تداعيات إقليمية وعالمية خطيرة بالنظر إلى الترسانات النووية للطرفين.
سيناريوهات محتملة
تتراوح السيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة بين استمرار الحرب الكلامية دون تطور إلى مواجهة عسكرية، أو انزلاق الأمور نحو تصعيد محدود على طول خط السيطرة في كشمير.
وفي حال فشل القنوات الخلفية للاتصال، قد تتدهور الأوضاع بشكل أكثر خطورة، ما يستدعي تدخلات دولية عاجلة.
وفي كل الأحوال، تبدو الحاجة ملحة لإعادة إطلاق مسار تفاوضي شامل يعالج القضايا الجوهرية بين البلدين، وعلى رأسها نزاع كشمير، لضمان استقرار دائم في واحدة من أكثر مناطق العالم توترًا.