مصر تصنع المعجزة.. اكتفاء ذاتي كامل من السكر لأول مرة منذ 1967

في واحدة من أكثر المحطات إشراقا في مسيرة التنمية الوطنية، أعلنت مصر تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل من السكر الأبيض لأول مرة منذ عام 1967، لتطوي بذلك صفحة استيراد هذه السلعة الاستراتيجية، وتفتح آفاقًا أوسع نحو الأمن الغذائي والنهضة الاقتصادية.
قفزة إنتاجية غير مسبوقة
كشفت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن مصر تجاوزت سقف الإنتاج التاريخي للسكر، حيث بلغ الإنتاج المحلي 3.1 مليون طن خلال عام 2025، مستندة إلى توسع كبير في زراعة بنجر وقصب السكر وتحديث شامل لمنظومات الزراعة والتوريد.
وتزامن هذا الإنجاز مع بدء موسم حصاد بنجر السكر، الذي يستمر حتى منتصف أغسطس المقبل، بما عزز المخزون الاستراتيجي للبلاد وأكد الجاهزية التامة لتلبية احتياجات الأسواق المحلية.
أرقام تحكي قصة نجاح
تشير البيانات الرسمية إلى أن الإنتاج الوطني من السكر شهد مسارًا تصاعديًا خلال العقد الماضي، إذ ارتفع من 2.2 مليون طن عام 2014 إلى 2.5 مليون طن في 2019، ليقفز إلى 2.8 مليون طن عام 2024، وصولًا إلى حاجز 3.1 مليون طن في 2025، في إنجاز وصفه الخبراء بالـ"تاريخي".
ومن المنتظر أن تتوقف مصر عن استيراد السكر نهائيًا اعتبارًا من مطلع عام 2026، بعد أن نجحت في تحقيق اكتفاء ذاتي بنسبة 100%.
دعم مباشر للأمن الغذائي وتقليل فاتورة الاستيراد
وأكد وزير التموين والتجارة الداخلية، أن هذا الإنجاز يدعم استراتيجية الدولة في تحقيق الأمن الغذائي المستدام، ويخفض فاتورة الواردات، مما يساهم في تحقيق توازن أقوى في الميزان التجاري المصري، وتخفيف الضغط على العملة الأجنبية، فضلًا عن تحقيق استقرار طويل الأمد في أسعار السكر بالأسواق المحلية.
الزراعة الحديثة والمزارع المصري
وأكد مصطفى عبد الجواد، رئيس مجلس المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة، أن النجاح له عدة عوامل رئيسية أبرزها: التوسع الأفقي والرأسي في زراعة البنجر، وارتفاع أسعار المحاصيل، مما حفز الفلاحين على زيادة المساحات المزروعة، بالإضافة إلى تطوير منظومات الري والإنتاج، ودعم البحوث العلمية الزراعية.
ويُنتج البنجر وحده حوالي 2.5 مليون طن من السكر سنويًا، مدعومًا بإنتاج إضافي من قصب السكر يصل إلى نحو 620 ألف طن، مما أعاد رسم خريطة إنتاج السكر في مصر بالكامل.
مكاسب اقتصادية وزراعية شاملة
وتعد هذه الطفرة الإنتاجية عنصرًا محوريًا في دعم استراتيجية "مصر 2030"، التي تضع تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية ضمن أولوياتها.
ويساهم فائض الإنتاج في تعزيز قدرة مصر على تصدير السكر مستقبلًا، ما يفتح أسواقًا جديدة ويعزز تنافسية المنتج المصري عالميًا.
التكامل مع مشروعات الأمن الغذائي الكبرى
يأتي هذا الإنجاز في ظل سياسة حكومية واسعة لتعزيز الأمن الغذائي، تشمل رفع الاحتياطي الاستراتيجي من السلع الغذائية الأساسية لتكفي احتياجات البلاد لفترات تتجاوز الستة أشهر، وإطلاق مبادرات قومية لتعزيز التغذية، مثل دعم الخبز البلدي بعناصر الحديد وحمض الفوليك بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي.
بإنجازها تحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر، تثبت مصر من جديد أن التحديات مهما بلغت جسامتها يمكن أن تتحول إلى قصص نجاح والعمل.