دمار ونزوح واسع.. ماذا وراء التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية؟

فجر جيش الاحتلال الإسرائيلي ما لا يقل عن 21 مبنى في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة، في إطار عمليات هدم ودمار واسع ترددت أصداؤها في مختلف أنحاء المنطقة.

وأظهرت لقطات بثتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، انفجارات متزامنة في شمال الضفة الغربية وتصاعد أعمدة الدخان فوق مدينة جنين ومخيم اللاجئين المجاور لها. 

دمار واسع

وفي أعقاب الانفجارات، أظهرت مقاطع فيديو أضرارا جسيمة على الأرض، تحولت المنازل إلى رماد وأنقاض، ودمرت السيارات، ولا تزال الحرائق الصغيرة مشتعلة وسط الحطام.

 وقال الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان، إنه يعمل على إجلاء الأشخاص المحاصرين وسط أنقاض المنازل المدمرة وتقديم الرعاية الطبية لهم.  

يتزامن ذلك مع استمرار العدوان الإسرائيلي في مدينة جنين ومخيمها، والذي أدى إلى استشهاد 25 فلسطينيًا، قبل أن يوسع عدوانه الاثنين الماضي ليشمل مدينة طولكرم (شمال)، التي استشهد فيها 4 فلسطينيين.

ويشهد أيضًا مخيم طولكرم أعمال تدمير وتفجير طالت البنية التحتية وعشرات المنازل، وسط أوضاع إنسانية قاسية.

سياسة ممنهجة

وأكد محافظ طولكرم عبد الله كميل، أن جيش الاحتلال أجبر، تحت التهديد، نحو 75% من سكان مخيم طولكرم على النزوح، في تصعيد خطير يفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة.

وقال كميل، إن عمليات التهجير القسري تأتي ضمن سياسة ممنهجة تستهدف تفريغ المخيم من سكانه، وسط استمرار القصف والتدمير الواسع للبنية التحتية.

استمرار حرب الإبادة

واعتبرت حركة حماس، أن التفجيرات الإسرائيلية ونسف عدد كبير من المنازل في مخيم جنين، دليل على استمرار حرب الإبادة ضد الفلسطينيين.

وأشارت حماس، في بيان، إلى إصرار المحتل على نهج جرائم الحرب التي ارتكبها في قطاع غزة، في ظل استمرار الصمت الدولي وغياب المحاسبة لمجرمي الحرب الصهاينة.

وتابعت أن هذه الجرائم المتصاعدة تستدعي مزيدًا من تصعيد المقاومة للتصدي للاحتلال المجرم، والذي يستهدف الوجود الفلسطيني، وشعبنا لن يستسلم أمام آلة الدمار والتخريب الصهيونية.

ونوهت بأن العدوان والدمار الذي ينفذه جيش الاحتلال تزامنا مع إراقة دماء الفلسطينيين، سيشكل وقودا لأعمال المقاومة التي يتبناها أبناء شعبنا كخيار استراتيجي لتحرير الأرض وطرد المغتصبين.

ودعت حماس الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياتهم التاريخية بوقف جرائم الاحتلال التي تصب الزيت على النار في المنطقة، وتهدّد السلم والأمن الدوليين.

تحذير فلسطيني

ومن جانبه، طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعقد جلسة طارئة وعاجلة لمجلس الأمن الدولي لوقف العدوان الإسرائيلي.

ودان المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، تصعيد الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، محذرًا من مخططات التهجير والتطهير العرقي.

وأكد أن العدوان المستمر أدى إلى استشهاد 29 مواطنًا، وإصابة واعتقال المئات، إضافة إلى تدمير واسع ونزوح آلاف المواطنين. 

كما دعا الإدارة الأمريكية إلى التدخل العاجل لوقف التصعيد قبل انفجار الأوضاع، مشددًا على الشعب الفلسطيني لن يقبل بأي مخططات سواء بالتهجير أو الوطن البديل.

تنديد دولي

وصفت المقررة الأممية المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز، الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية بالإجرامية، محذرة من أن نية الإبادة الجماعية واضحة في الطريقة التي تستهدف بها إسرائيل الفلسطينيين، وكامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تدعي إسرائيل أنها مخصصة حصريًا لتقرير المصير اليهودي.

ودعت المسؤولة الأممية عبر منصة إكس، المجتمع الدولي إلى التدخل ووقف عمليات التدمير الإسرائيلية التي توسعت لتشمل جميع الأراضي المحتلة وليس غزة فحسب.

وقالت ألبانيز إنها حذرت الجمعية العامة للأمم المتحدة من حدوث ذلك في تقريرها الأخير خلال أكتوبر الماضي، وحان الوقت، بل تأخر، للتدخل لوقف التصرفات الإسرائيلية الإجرامية في الضفة الغربية.

خلق واقع جديد

ورأى المحلل السياسي الفلسطيني بلال الشوبكي، أن العملية الإسرائيلية في جنين مرتبطة بخلق واقع أمني جديد في الضفة الغربية المحتلة.

وقال الشوبكي لـ"تفصيلة"، إن طريقة تدمير جيش الاحتلال للبنية التحتية في الضفة تشير إلى أهداف مختلفة عما تذرعت به إسرائيل بشأن وجود مقاومين فلسطينيين.

ووفق المحلل السياسي الفلسطيني تتمثل الأهداف الإسرائيلية من تلك عمليات التدمير الواسعة في التالي:

• خفض سقف التوقعات السياسية الفلسطينية في المرحلة القادمة.
• خلق واقع جديد على الأرض قبل أي مفاوضات مستقبلية.
• التمهيد لتوسيع الاستيطان شمال الضفة الغربية تحديدا.

وشدد على أن ما يجري حالة عدوان إسرائيلي تهدف إلى التمدد الاستيطاني من خلال تحويل مخيم جنين إلى بيئة غير صالحة للعيش، وتحويله إلى امتداد طبيعي للمنطقة المحيطة به، سواء جنين المدينة، أو القرى المحيطة.

وبالتزامن مع بدء حرب الإبادة على غزة، وسّع جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 900 فلسطيني، وإصابة نحو 6 آلاف و700، واعتقال 14 ألفًا و300 آخرين.