رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
معتز سليمان

"شقق الإجازات" تُعزز السياحة.. كيف قررت مصر تنظيم وحدات الـ"Holiday Home"؟

وزير السياحة
وزير السياحة

يُعد نظام شقق الإجازات “Holiday Home” أحد أنماط الإقامة السياحية الحديثة التي اكتسبت شعبية متزايدة عالميًا، حيث يوفر للسياح تجربة إقامة مرنة وخاصة بعيدًا عن التقليدية الفندقية، مع توفير خدمات أساسية تلبي احتياجاتهم.

هذا النظام، الذي يشمل وحدات سكنية مثل الشقق، الأجنحة، أو الفيلات، أصبح خيارًا مفضلاً للعائلات والمجموعات الباحثة عن الراحة والخصوصية، ويُطبق بنجاح في العديد من الوجهات السياحية مثل إسبانيا، دبي، وإيطاليا، حيث يُسهم في تنويع العرض السياحي وزيادة الإيرادات الاقتصادية.

في مصر، تسعى وزارة السياحة إلى مواكبة هذا التوجه العالمي من خلال قرار وزاري جديد ينظم هذا النمط من الإقامة، لتعزيز القطاع السياحي.

وجذب المزيد من الزوار، في خطوة تُعد الأولى من نوعها لتقنين هذا النمط من الإقامة في السوق المصري.

وأصدر شريف فتحي، وزير السياحة، قرارًا وزاريًا ينظم شروط وضوابط ترخيص وحدات شقق الإجازات (Holiday Home)، في خطوة تُعد إضافة نوعية لقطاع السياحة في مصر.

جاء القرار في إطار القانون رقم 8 لسنة 2022 الخاص بالمنشآت الفندقية والسياحية ولائحته التنفيذية، وقانون رقم 27 لسنة 2023 المتعلق بإنشاء الغرف السياحية وتنظيم اتحاد لها.

وأوضح الوزير أن هذا القرار يهدف إلى ضمان مستوى عالٍ من الجودة، الأمن، والسلامة في وحدات الإقامة، مع توفير وسائل الراحة اللازمة لاستقبال السائحين.

وراعت الوزارة تبسيط الإجراءات المطلوبة للحصول على الرخصة السياحية، لتشجيع المزيد من الملاك والمشغلين على تقنين أوضاعهم، خاصة في المناطق السياحية مثل شرم الشيخ، الغردقة، والساحل الشمالي، التي تُعد من أكثر المناطق جذباً للسياح المحليين والأجانب.

من جانبه، أشار محمد عامر، رئيس الإدارة المركزية للمنشآت الفندقية والمحال والأنشطة السياحية، إلى أن ترخيص هذه الوحدات يتطلب استيفاء المستندات، الالتزام بالشروط والضوابط، وسداد الرسوم المقررة.. ويُلزم القرار أصحاب الوحدات بإخطار الوزارة إلكترونيًا عبر نموذج مخصص على موقع الوزارة، مع استيفاء الإجراءات اللازمة للحصول على شهادة الصلاحية السياحية، وسداد الرسوم القانونية.

وتُعرف وحدات شقق الإجازات بأنها وحدات سكنية تتكون من غرفة واحدة على الأقل، أو جناح، أو فيلا، تقع في مبنى مستقل أو جزء منه، وتوفر خدمات أساسية مثل المطبخ الصغير، وتكون مخصصة لاستقبال المصريين والأجانب في المناطق السياحية أو التجمعات السكنية المميزة.. ومن المتوقع أن يبدأ تطبيق هذا القرار اعتبارًا من اليوم التالي لنشره، مما يُتيح للملاك فرصة سريعة للانضمام إلى المنظومة الرسمية.

ونظام شقق الإجازات ليس جديدًا على المستوى العالمي، حيث يُطبق في العديد من الدول كجزء من استراتيجيات تعزيز السياحة.. في أوروبا، مثل إسبانيا وإيطاليا، تُعد شقق الإجازات خيارًا شائعًا للسياح الباحثين عن إقامة مرنة وأكثر خصوصية مقارنة بالفنادق.. في إسبانيا، مثلا، تُشكل هذه الوحدات حوالي 30% من إجمالي الإقامات السياحية، وتخضع لضوابط صارمة تشمل التسجيل الرسمي، دفع الضرائب، وضمان معايير السلامة، مما ساهم في زيادة الإيرادات السياحية بنسبة 15% خلال السنوات الأخيرة.

وفي دبي، تُعتبر شقق الإجازات جزءًا أساسيًا من السوق السياحي، حيث تُشرف دائرة السياحة والتسويق التجاري على ترخيصها، مما ساهم في جذب المزيد من السياح الباحثين عن تجارب إقامة منزلية، خاصة العائلات التي تبحث عن مساحات واسعة ومرافق مجهزة.

في المقابل، كانت احتاجت مصر إلى تنظيم واضح لهذا النمط من الإقامة، خاصة في المناطق الساحلية مثل الغردقة وشرم الشيخ، حيث يُفضل العديد من السياح الإقامة في شقق توفر لهم تجربة منزلية.

القرار الجديد يُعد خطوة لتقنين هذه الوحدات، على غرار النماذج العالمية، مع مراعاة تبسيط الإجراءات لتشجيع الملاك على الانضمام إلى المنظومة الرسمية.. على عكس النظام في إسبانيا، حيث تُفرض ضرائب مرتفعة على الملاك تصل إلى 20% من إيرادات الإيجار، ركزت مصر على تخفيف الأعباء الإدارية، مما قد يُشجع على زيادة عدد الوحدات المرخصة في وقت قصير، ويُعزز من تنافسية السوق المصري مقارنة بالوجهات الإقليمية الأخرى.

ومن المتوقع أن يكون لهذا القرار أثر إيجابي كبير على الاقتصاد المصري، وبالأخص قطاع السياحة، الذي يُعد أحد أهم القطاعات المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتجاوز 12% وفقًا لإحصاءات 2023.. أولًا، سيعمل القرار على زيادة عدد الوحدات السياحية المرخصة، مما يوسع العرض السياحي ويلبي احتياجات شرائح متنوعة من السياح، خاصة العائلات والمجموعات التي تُفضل الإقامة في شقق توفر خصوصية أكبر من الفنادق.. فوفقًا لتقديرات غير رسمية، هناك الآلاف من الوحدات غير المرخصة في المناطق السياحية المصرية، وتقنين أوضاعها سيُدرجها ضمن المنظومة الرسمية، مما يزيد من الإيرادات الضريبية للدولة، والتي يُمكن أن تُستخدم في تطوير البنية التحتية السياحية.

ثانيًا، سيُسهم القرار في تحسين جودة الخدمات السياحية المقدمة، حيث ستخضع الوحدات لمعايير الجودة والسلامة التي تفرضها الوزارة، مثل توفير أنظمة الحماية من الحرائق، وتوافر وسائل الراحة الأساسية كالمياه والكهرباء بشكل مستمر.. هذا بدوره سيرفع من رضا السياح، ويعزز سمعة المقصد السياحي المصري، مما قد يؤدي إلى زيادة أعداد الزوار.

ويجب الإشارة هنا إلى أنه خلال عام 2023، استقبلت مصر حوالي 14.9 مليون سائح، وتستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول 2030، وفقًا لرؤية مصر 2030.. وتقنين شقق الإجازات سيُساعد في تحقيق هذا الهدف من خلال توفير خيارات إقامة متنوعة تلبي احتياجات مختلف الشرائح، بما في ذلك السياح العرب والأوروبيين الذين يُفضلون هذا النمط من الإقامة.

ثالثًا، سيعود القرار بالنفع على الاقتصاد المحلي في المناطق السياحية، حيث ستزيد الحركة الاقتصادية المرتبطة بالسياحة، مثل الخدمات اللوجستية، المطاعم، والأنشطة الترفيهية.. ففي مدن مثل الغردقة وشرم الشيخ، حيث تتركز هذه الوحدات، ستشهد الأسواق المحلية والحرفيون إقبالًا أكبر من السياح المقيمين في شقق الأجازات، مما يُحسن من دخل الأسر المحلية ويُعزز من النشاط الاقتصادي في هذه المناطق، كما أن زيادة عدد السياح ستُشجع على خلق فرص عمل جديدة في مجالات مثل إدارة العقارات، التنظيف، والصيانة، مما يُسهم في تقليل معدلات البطالة.

رابعًا، سيعمل القرار على تعزيز السياحة الداخلية، حيث يُمكن للمصريين أنفسهم الاستفادة من هذه الوحدات كخيار اقتصادي ومريح لقضاء العطلات في المناطق السياحية، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الفنادق خلال مواسم الذروة.. هذا التوجه سيُساعد في توزيع الحركة السياحية على مدار العام، مما يُقلل من الضغط على الفنادق في أوقات الذروة ويُحقق استدامة أكبر للقطاع.

يُمثل قرار تنظيم شقق الأجازات خطوة استراتيجية نحو تطوير القطاع السياحي في مصر، حيث يُعزز من تنوع الخيارات المتاحة للسياح، ويُسهم في تحقيق أهداف رؤية مصر 2030.. مع استمرار الجهود لتقنين هذا النمط من الإقامة وتحسين جودة الخدمات، يُتوقع أن يشهد القطاع السياحي المصري نموًا مستدامًا، مما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز مكانة مصر كوجهة سياحية عالمية رائدة، كما أن هذا القرار سيُشجع على الاستثمار في القطاع العقاري المرتبط بالسياحة، حيث يُمكن أن يجذب مستثمرين جدد لتطوير وحدات سكنية مخصصة لهذا الغرض، مما يُعزز من النمو الاقتصادي الشامل في البلاد.

تم نسخ الرابط