إرث من الحب والاحترام.. كيف وصف البابا فرنسيس مصر؟

خلال بابويته، التي انتهت بوفاته يوم الإثنين عن عمر يناهز 88 عامًا، تميز البابا فرنسيس بإلتزامه المستمر بالسلام والحوار بين الأديان.
وقد ترك البابا أثرًا عميقًا في مصر، البلد الذي وصفه في زيارته التاريخية في أبريل 2017 بـ"أرض التناغم والأخوة".
وأعلن الفاتيكان يوم الإثنين عن وفاة البابا فرنسيس في يوم الإثنين الفصح، 21 أبريل 2025، في مقر إقامته في "كازا سانتا مارتا" بالفاتيكان.
كان البابا يعاني من التهاب رئوي ومضاعفات صحية خطيرة، وقد تم نقله إلى المستشفى عدة مرات منذ فبراير الماضي.
تكريمات من مصر
تدفقت رسائل التعازي من مختلف أنحاء مصر. فقد وصف الرئيس عبد الفتاح السيسي وفاة البابا بأنها "خسارة عميقة للبشرية"، مشيدًا به كـ"صوت للسلام والحب والرحمة".
كما نعى الأزهر، أعلى مرجعية دينية سنية في العالم، البابا فرنسيس واصفًا إياه بـ"شخصية استثنائية للإنسانية".

الزيارة التاريخية إلى مصر
قام البابا فرنسيس بزيارة تاريخية لمصر في أبريل 2017، وهي أول زيارة بابوية منذ زيارة البابا يوحنا بولس الثاني في عام 2000.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس السيسي، تحدث البابا باللغة العربية مستخدمًا عبارات مثل "مصر، أم العالم" و"مصر تثبت أن الدين لله والوطن للجميع".
وقال السيسي في تلك المناسبة: "نعتبر زيارتكم التاريخية لمصر اليوم، والتي تتزامن مع الذكرى السبعين للعلاقات الدبلوماسية بين مصر والفاتيكان، رسالة تبرز الرابط العميق من الاحترام المتبادل والتقدير بين البلدين".
خلال الزيارة، أقام البابا فرنسيس قداسًا في استاد الدفاع الجوي بالقاهرة أمام آلاف الكاثوليك المصريين، حيث تم إطلاق بالونات صفراء وبيضاء تحمل شعار الفاتيكان وصورة البابا مع شعار "بابا السلام في مصر، السلام".

علاقة قوية مع الأزهر
من أبرز جوانب إرث البابا فرنسيس في مصر هي علاقته العميقة والتاريخية مع الأزهر الشريف وشيخه أحمد الطيب.
كان لقاؤهم الأول في القاهرة نقطة فارقة، حيث كانت هذه أول زيارة لبابا روماني كاثوليكي إلى الأزهر، أقدم وأهم مؤسسة سنية إسلامية.
كما استضاف البابا الطيب مرتين في الفاتيكان، في عامي 2018 و2019، وفي فبراير 2019، التقى الزعيمان في أبوظبي ووقعا معًا وثيقة الأخوة الإنسانية، التي وصفها الأزهر بأنها "من أهم النصوص في تاريخ العلاقات بين الإسلام والمسيحية"، ودعت إلى السلام العالمي والتعايش الديني والتفاهم المتبادل.

الجسور مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
وقد أقام البابا فرنسيس أيضًا علاقة قوية ومحترمة مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر وقيادتها، المتمثلة في البابا تواضروس الثاني.
التقى البابا تواضروس مع البابا فرنسيس في مايو 2013، عقب توليهما مهامهما، في أول زيارة لبطريرك أرثوذكسي قبطي إلى الفاتيكان منذ أربعة عقود، ما أعاد إحياء تقليد الاحتفال السنوي بيوم الصداقة القبطي-الكاثوليكي في 10 مايو.
تعززت هذه العلاقة في عام 2017، عندما رد البابا فرنسيس الزيارة بزيارة بطريركية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في القاهرة، حيث وقع البابا تواضروس والبابا فرنسيس إعلانًا مشتركًا يعترف بمعمودية كل منهما.
في 2023، اجتمع الزعيمان في الفاتيكان بمناسبة الذكرى الخمسين للقاء التاريخي بين البابا بولس السادس والبابا شنودة الثالث في 1973.
صوت مستمر لمصر
لقد أظهر البابا فرنسيس دائمًا تضامنه مع مصر في أوقات الأزمات، خصوصًا بعد الهجمات الإرهابية التي استهدفت المسلمين والمسيحيين على حد سواء. كانت رسائله عن السلام بمثابة بلسم في لحظات الحزن الوطني.
كما أعرب عن قلقه من التحديات الجيوسياسية الأوسع لمصر. ففي أغسطس 2020، وسط تصاعد التوترات حول سد النهضة الإثيوبي الكبير، دعا البابا فرنسيس إلى التعاون بين مصر وإثيوبيا والسودان، مشددًا على أهمية إيجاد حل سلمي لضمان أن يظل نهر النيل "مصدرًا للحياة" ورمزًا لـ"الصداقة وليس العداء".
إرث دائم
مع انضمام مصر إلى المجتمع الدولي في حداد البابا فرنسيس، يبقى إرثه المتمثل في التعاطف، والحوار بين الأديان، والدعوة للعدالة، مرئيًا في زياراته التاريخية، واحتضانه للأزهر والكنيسة القبطية، ودعمه الثابت لمصر في قضايا السلام وأمن المياه.
لقد تركت بابوية البابا فرنسيس، المبنية على الحب والتواضع والأخوة الإنسانية، بصمة لا تُمحى في مصر والعالم العربي بأسره.