ماذا يعني ترفيع العلاقات المصرية الفرنسية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية؟

رفعت مصر وفرنسا علاقاتهما إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، مما يعكس التزام البلدين بتعزيز التعاون في كافة المجالات بشكل غير مسبوق، ويعكس عمق الروابط الثنائية ورغبتهما في تطوير هذه الشراكة على المدى الطويل.
وقع الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الاثنين بقصر الاتحادية الإعلان المشترك لترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وعقب التوقيع، صافح الرئيس السيسي نظيره الفرنسي وتبادلا نسخة الإعلان المشترك الموقع منهما.
وكان الرئيسان السيسي وماكرون قد شهدا في قصر الاتحادية، توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين مصر وفرنسا خلال زيارة ماكرون التي بدأت لمصر أمس الأحد وتستمر حتى غد الثلاثاء.
هذه الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا تتضمن مجموعة من النقاط الرئيسية:
- التعاون السياسي والاقتصادي
- التعاون العسكري والأمني
- التنسيق في القضايا الإقليمية والدولية
- تعزيز العلاقات الثقافية والعلمية
- الاستثمار المشترك
- التعاون في مجال الطاقة
وتعد الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا خطوة نحو تعزيز العلاقات الثنائية لتشمل مجموعة واسعة من المجالات، بما يساهم في تحقيق مصالح مشتركة وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.
وتتمتع العلاقات بين مصر وفرنسا بتاريخ طويل من التعاون المتبادل والتفاهم العميق، حيث أصبحت هذه الروابط تمثل نموذجًا حيًا للارتباطات الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين في مواجهة التحديات العالمية.
ومن خلال هذه الشراكة المستمرة، تتعزز العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية بشكل متكامل، حيث تتلاقى الرؤى المشتركة بين القاهرة وباريس لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والاستقرار في المنطقة.
آفاق جديدة للتعاون
تجاوزت العلاقات بين القاهرة وباريس حدود التعاون السياسي والتنسيق المشترك لتشمل أبعادًا أوسع في مجالات الاقتصاد، التجارة، والثقافة.
وشهدت هذه العلاقات زخماً ملحوظًا منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في مصر في عام 2013.
ويحرص الرئيسان السيسي وماكرون على تعزيز الحوار والاتصالات على أعلى المستويات، سعياً للارتقاء بالعلاقات الثنائية والتنسيق المستمر حول القضايا الإقليمية والدولية.
التعاون السياسي والدبلوماسي: توافق الرؤى بشأن القضايا الإقليمية
منذ بداية فترة رئاسة السيسي، تميزت العلاقة بين مصر وفرنسا بتبادل مستمر للزيارات واللقاءات الثنائية بين قيادتي البلدين.
تمثل هذه الاتصالات نهجًا دبلوماسيًا حيويًا يعكس أهمية التنسيق المستمر بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بالأزمات الإقليمية.
وكان آخرها الاتصال الهاتفي بين الرئيسين قبل زيارة ماكرون الأخيرة إلى القاهرة، حيث تم التباحث حول تعزيز العلاقات الثنائية، فضلاً عن تطورات الأوضاع في قطاع غزة.
وأكد الرئيسان على أهمية الحلول السريعة للتهدئة، بما يشمل الوقف الفوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، مع التأكيد على أهمية حل الدولتين كحل عادل للسلام الدائم في المنطقة.
الشراكة العسكرية: "رافال" رمز التعاون الدفاعي
من أبرز تجليات الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا هو التعاون العسكري، الذي تجسد في صفقة طائرات "رافال" الفرنسية، وهي واحدة من أهم أوجه التعاون الدفاعي بين البلدين.
هذه الطائرات أصبحت رمزًا للتعاون المتبادل، حيث عبّر الرئيس ماكرون عن فخره بالتعاون مع مصر عبر نشره على حسابه على موقع إكس فيديو يظهر طائرات "رافال" المصرية وهي تصاحب الطائرة الرئاسية الفرنسية، معبرًا عن أهمية هذا التعاون الذي يعد تجسيدًا للقوة الاستراتيجية المشتركة بين البلدين.
التعاون الاقتصادي والتجاري: شراكة تدعم التنمية المستدامة
تتميز العلاقات الاقتصادية بين مصر وفرنسا بالعمق والتنوع، حيث يسهم التعاون بين البلدين في دفع عجلة التنمية في مصر.
ووصل حجم الاستثمارات الفرنسية في مصر إلى نحو 7 مليارات يورو، مع وجود حوالي 200 شركة فرنسية تعمل في السوق المصري.
وهذه الشركات لا تقتصر على السوق المحلي فحسب، بل تستخدم مصر كبوابة للولوج إلى السوق الإفريقية، مما يعزز من موقع مصر كحليف اقتصادي استراتيجي في المنطقة.
وفي هذا السياق، قام وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي، خلال زيارته لفرنسا في فبراير الماضي، بالتأكيد على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، مشيرًا إلى الإصلاحات التي قامت بها الحكومة المصرية في مجالات البنية التحتية والخدمات اللوجستية والقطاع الخاص. وتستمر هذه الجهود عبر الزيارات المتبادلة بين المسؤولين المصريين والفرنسيين.
التعاون في التعليم والبحث العلمي: بناء جسور معرفية
تعتبر مجالات التعليم العالي والبحث العلمي من أوجه التعاون الثقافي المهمة بين مصر وفرنسا.
وعلى الرغم من التحديات العالمية، تظل فرنسا شريكًا رئيسيًا لمصر في مجال التعليم العالي، حيث توفر منحًا دراسية للطلاب المصريين لاستكمال دراساتهم في الجامعات الفرنسية، بما في ذلك درجات الدكتوراه وما بعدها.
وقد تم أيضًا تعزيز التعاون الأكاديمي من خلال مشروع تطوير الجامعة الفرنسية في مصر، بما يتماشى مع تطور العلاقات بين البلدين.
وفيما يخص البحث العلمي، أطلقت الوكالة الفرنسية للتنمية في مايو 2022 استراتيجيتها الجديدة للتعاون مع مصر، التي تصل قيمتها إلى 1.25 مليار يورو حتى عام 2025.
ويستهدف هذا التعاون تعزيز البحث العلمي في مختلف المجالات، خاصة في العلوم الإنسانية والبيئية، مما يعزز التعاون بين الجامعات والمعاهد البحثية في البلدين.
القطاع الثقافي: تعزيز التبادل الثقافي والسياحي
على المستوى الثقافي، تعد مصر وفرنسا مثالًا يحتذى به في التبادل الثقافي بين الأمم. يولي الفرنسيون اهتمامًا خاصًا بالحضارة المصرية العريقة، ويتجسد ذلك في إقبال السياح الفرنسيين على زيارة المزارات الثقافية والتاريخية في مصر.
ويعمل المعهد الفرنسي في مصر على تعزيز التعاون الثقافي من خلال تنظيم فعاليات ثقافية وفنية، مع التركيز على زيادة التبادل بين الفنانين والعلماء في البلدين.
وفيما يتعلق بعلم الآثار، تتصدر فرنسا المشهد العلمي في هذا المجال، حيث تقوم بعثات أثرية فرنسية بترميم المواقع الأثرية ودراستها في مصر، خاصة من خلال المعهد الفرنسي لعلم الآثار الشرقية (IFAO) والمركز الفرنسي المصري لدراسات معابد الكرنك.
التعاون المستدام: الشراكة في التنمية والمشاريع البيئية
في إطار تعزيز الشراكة بين البلدين، أطلقت الوكالة الفرنسية للتنمية برنامجًا جديدًا قيمته 1.25 مليار يورو لدعم التنمية المستدامة في مصر حتى عام 2025.
ويشمل هذا البرنامج مشروعات متعددة في مجالات البنية التحتية، الطاقة المتجددة، والبيئة.
وقد شهد عام 2022 خطوة هامة في مسار التعاون، حيث تم توقيع اتفاقيات بين الوكالة الفرنسية للتنمية والبنوك المصرية الكبرى، مثل البنك الأهلي المصري وبنك مصر، بقيمة 150 مليون يورو لدعم أهداف التنمية المستدامة في مصر.
كما تتعاون مصر وفرنسا في تمويل المشاريع البيئية التي تسهم في تحقيق أهداف "رؤية 2030" من خلال تقديم قروض ومنح لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تساهم في تحسين البيئة وتقليل المخاطر المناخية.