تواطؤ وخوف.. نتنياهو يتجنب الطيران فوق 3 دول بسبب مذكرة الجنائية الدولية

في واقعة تسببت في إثار الجدل بالأوساط السياسية والحقوقية، عبرت طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من العاصمة المجرية بودابست إلى الولايات المتحدة، في مسار طويل ومتعرج تجاوز حدود عدة دول أوروبية، على رأسها فرنسا وكرواتيا وإيطاليا، رغم قرار المحكمة الجنائية بالقبض عليه لاتهامه بارتكاب إبادة جماعية في غزة.

الأمر الذي تسبب في حالة من الغضب لدى بعض المنظمات الدولية، والحقوقية، حول مدى التزام الدول الأوروبية بتطبيق القوانين الدولية المتعلقة بمحاكمة المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية، لا سيما في ضوء تواطؤ بعضها، بحسب الاتهامات التي تلاحقها.
طائرة نتنياهو مرت بفرنسا وكرواتيا وإيطاليا
بحسب بيانات ملاحية نشرها موقع "فلايت رادار"، المتخصص في تتبع حركة الطائرات، فالطائرة الإسرائيلية، من طراز "بوينج 767" والتي تحمل رقم التسجيل (4X-ISR)، قد عبرت بالفعل المجال الجوي لعدة دول أوروبية موقعة على "معاهدة روما"، وهي فرنسا وكرواتيا وإيطاليا.

وتعد الدول الثلاث التي مرت بها طائرة نتنياهو المتهم بارتكاب إبادة جماعية، أطرافًا في المحكمة الجنائية الدولية، وهي ملزمة قانونيًا بتنفيذ قرارات المحكمة بما في ذلك مذكرة الاعتقال الصادرة بحق نتنياهو في نوفمبر 2024، بناءً على التهم الموجهة إليه والمتعلقة بجرائم حرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
تجاهل قرارات الجنائية الدولية
الدول الثلاث السابقة موقعة على "نظام روما الأساسي" الذي يشترط تنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية في جميع القضايا المرتبطة بجرائم الحرب، لكن وفي خطوة مثيرة للريبة، لم تُنفذ هذه الدول أي إجراءات قانونية عند عبور طائرة نتنياهو فوق أراضيها.

وتسبب تجاهل هذه الدول للقانون الدولي، في استنكار واسع من قبل نشطاء حقوق الإنسان الذين رأوا في تصرفات تلك الدول تواطؤًا مع ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، خاصةً في ظل الأوضاع المتدهورة في غزة.
المجر تتحدى القانون الدولي
لم تكن هذه المرة هي الأولى التي تستقبل فيها المجر رئيس الوزراء الإسرائيلي المتهم بارتكاب جرائم حرب، فقد سبق واستقبلت نتنياهو في الأول من أبريل 2025، رغم القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية، الذي يقضي باعتقاله على خلفية الاتهامات الموجهة له.
اقرأ أيضا..
"اعتقلوا نتنياهو".. تفاصيل طلب المحكمة الجنائية الدولية من المجر
وقد بررت المجر هذه الخطوة بإعلانها الانسحاب رسميًا من اتفاقية روما، الأمر الذي جعلها ترفض تسليم نتنياهو أو اتخاذ أي إجراء لتنفيذ مذكرة الاعتقال.

الخطوة التي شهدت استنكارًا واسعًا، أدانتها عدة منظمات حقوقية، حيث اعتبر المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية في أيرلندا، ستيفن بوين، أن عدم اتخاذ أي إجراءات قانونية بحق نتنياهو يعد أمرًا مفجعًا.
مضيفًا أنه من المؤسف أن نرى قادة دول أوروبا يتجاهلون العدالة الدولية، ويتركون السماء الأوروبية ملاذًا آمنًا للمتهمين بارتكاب جرائم حرب.
بينما قالت بعض المنظمات، إنه لمن العار السماح لنتنياهو بالسفر بحرية عبر الدول الغربية رغم أنه مجرم حرب مطلوب دوليًا، وعبّرت عن استهجانها من تسيير رحلة نتنياهو بلا أي اعتراض من دول كان يُفترض بها تنفيذ القانون الدولي.
طائرة نتنياهو تتجنب المرور فوق بعض الدول
كشفت صحيفة إسرائيلية، أن طائرة نتنياهو اختارت مسارًا أطول بنحو 400 كيلومتر لتجنب الطيران فوق دول يُتوقع أن تقوم بتنفيذ مذكرة الاعتقال بحقه، مثل أيرلندا وآيسلندا وهولندا.

حيث تجنب نتنياهو العبور في أجواء دول كان يمكن أن تضطر إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضده، وهو ما يعكس المخاوف الإسرائيلية من فرض قيود على حرية تنقل القادة الإسرائيليين.
اقرأ أيضا..
الجنائية الدولية تعرب عن قلقها من سعي المجر للانسحاب من نظام روما
وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إن نتنياهو غادر المجر متجهًا إلى واشنطن لحضور اجتماع غير مخطط مسبقًا مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، ما يسمح لنتنياهو بالتحرك بحرية في الأجواء الأميركية بعيدًا عن أي تهديدات قانونية من قبل الدول الملتزمة بمعاهدة روما.
تجاهل تنفيذ القانون الدولي
تسببت هذه الواقعة، في ارتفاع الأصوات المطالبة بتطبيق العدالة وحث الدول الأوروبية على الوفاء بالتزاماتها القانونية تجاه المحكمة الجنائية الدولية، وتنفيذ قراراتها دون استثناء.
وأشارت منظمات حقوقية، إلى أن القانون الدولي لا يمكن أن يكون انتقائيًا أو مرنًا حسب مصلحة الدول الكبرى، بل يجب أن يعكس العدالة والمساواة بين جميع المتهمين بارتكاب الجرائم ضد الإنسانية، مهما كانت مكانتهم السياسية أو علاقاتهم الدولية.