رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس مجلس التحرير
عبدالعظيم حشيش
رئيس التحرير
معتز سليمان

استئناف المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران: آمال حذرة وسط ألغام التوترات

الرئيس الأمريكي دونالد
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

في خطوة مفاجئة أعادت الملف النووي الإيراني المثير للجدل إلى الواجهة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، الاثنين، استئناف المحادثات مع طهران، مؤكدًا إمكانية إجراء حوار مباشر.

يأتي ذلك وسط أجواء إقليمية مشحونة وضغوط دولية متصاعدة لمنع إيران من الاقتراب من امتلاك قدرات نووية عسكرية.

وأبدت إيران استعدادها للمفاوضات، لكنها اشترطت أن تكون غير مباشرة عبر وساطة عمانية، مع انطلاق الجولة التمهيدية في مسقط يوم 12 أبريل بمشاركة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.

ويوم الثلاثاء، ذكر البيت الأبيض، في بيان، أن المحادثات مع إيران السبت المقبل ستكون مباشرة في سلطنة عُمان، وستكون هناك عواقب وخيمة إذا لم تختر طهران الدبلوماسية.

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن تركيز واشنطن حاليًا ينصب على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، وما سيحدث في عُمان ليس مفاوضات بل محادثات لاستكشاف ما يمكن تحقيقه.

خلفية الاتفاق المنهار

يعود أصل الأزمة إلى انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018 في ولاية ترامب الأولى، بعد ثلاث سنوات من توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015 في عهد باراك أوباما.

وردت إيران بتقليص التزاماتها وزيادة تخصيب اليورانيوم، فيما فشلت محاولات إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن لإحياء الاتفاق لاحقًا، وتعد العودة إلى طاولة المفاوضات في 2025 بمثابة نقطة تحول محتملة.

تطورات متسارعة ومواقف متصلبة

وفيما تسعى إيران لرفع العقوبات الاقتصادية كأولوية، يشدد ترامب دائمًا على أن طهران لن تمتلك سلاحًا نوويًا، وأن أمامها خيارين: التوصل لاتفاق أو دفع ثمن باهظ.

وأعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن قلقها من مخزون إيران المتزايد من اليورانيوم عالي التخصيب، ما يضاعف الضغط لإحراز تقدم دبلوماسي.

الموقف الإيراني

وفي المعسكر المقابل، أكد وزير الخارجية الإيراني أن بلاده ترفض التفاوض تحت التهديد، متمسكة بأن تخفيف العقوبات يجب أن يسبق أي التزام نووي، وهو موقف يعكس تصعيدًا قد يُعقّد مسار المحادثات.

وأقر عراقجي بأن الأمور تسوء مع الإصرار الأمريكي على سياسة الضغط الأقصى، ونحن نواجه جدارا كبيرا من انعدام الثقة ولدينا شكوك في صدق النية، معتبرا أن المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن فرصة بقدر ما هي اختبار.

ورغم هذا المنحى التشاؤمي، قال عراقجي إن بلاده مستعدة للعمل بجدية من أجل اتفاق، وتعتبر الاتصالات محاولة جادة لتوضيح المواقف وفتح آفاق جديدة للدبلوماسية، كما أن خيار التفاوض غير المباشر ليس تكتيكًا أو انعكاسًا لأيديولوجية بل خيار استراتيجي.

تطور إيجابي ولكن؟

وقال المحلل السياسي أحمد زيد آبادي إن الجدل حول شكل المفاوضات ليس مهمًا، الأهم أن تكون جادة وتمنع المواجهة العسكرية وتحقق نتائج على أرض الواقع.

واعتبر آبادي، عبر منصة إكس، أن هذا التطور يعد إيجابيًّا، معربًا عن آماله أن يُفضي إلى نتائج ملموسة تمنع الانزلاق نحو الحرب والتصعيد، على الرغم من أن الطريق لا يزال وعرًا ومعقدًا.

وبدوره، توقع المحلل السياسي عبد الرضا فرجى راد، أن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة قد تبدأ بشكل غير مباشر، لكنها قد تتحول إلى مباشرة إذا التزمت واشنطن بالتوازن والواقعية في التعاطي مع الملف النووي.

رهانات متباينة وتوقعات دولية

ويُرجح أن يتم التوصل إلى اتفاق مؤقت يُجمّد التخصيب مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، في ظل إظهار ترامب مرونة أكبر خلف الكواليس، رغبةً في إنجاز دبلوماسي يعزز شعبيته.

لكن المعضلة، تكمن في مطالبة إيران بضمانات قانونية لمنع تكرار الانسحاب الأمريكي، وهي نقطة قد تُشكل عقبة أمام أي اتفاق جديد.

موقف إسرائيل

في المقابل، هناك تحذيرات أن إسرائيل ستعارض بشدة أي اتفاق لا يشمل تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية بالكامل، بينما يتوقع دعم أوروبي حذر للمفاوضات، باعتبارها البديل الوحيد عن التصعيد العسكري.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأن تل أبيب لم تكن تعلم مسبقًا بالاتفاق بين ترامب والإيرانيين بشأن مفاوضات بين الطرفين.

وذكرت أن الوفد الإسرائيلي الذي رافق نتنياهو في زيارته إلى واشنطن صُدم عقب إعلان ترامب عن المفاوضات.

تحييد إسرائيل

وقال فرجى راد، إن ترامب يتبع سياسة مدروسة لتحييد إسرائيل عن التأثير في المفاوضات، منوهًا بأن واشنطن تسعى لتجنّب إعطاء طهران أي انطباع بدور إسرائيلي في المفاوضات، حفاظًا على فرص التوصل إلى اتفاق.

المخاطر والتداعيات المحتملة

قد يُشعل فشل المحادثات بين واشنطن وطهران مواجهة عسكرية، خصوصًا في ظل تمسك كل طرف بشروطه المسبقة. 

وتتصاعد التحذيرات من أن انهيار المفاوضات قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط العالمية، بينما قد يُسهم نجاحها في تهدئة الأسواق وعودة النفط الإيراني.

ويُخشى من أن الضغوط الداخلية، سواء في إيران من التيار المتشدد، أو في واشنطن من الجمهوريين، قد تُقوّض فرص النجاح، فضلًا عن الدور الإقليمي لإسرائيل، التي قد تحاول عرقلة أي اتفاق لا يحقق أهدافها الأمنية بالكامل.

فرصة دبلوماسية أخيرة

ورغم العقبات، قد تمثل المفاوضات الحالية فرصة أخيرة لتجنب صراع مفتوح في الشرق الأوسط، لكن هذه الفرصة مرهونة بتقديم تنازلات متبادلة، وتحقيق توازن دقيق بين الأمن، والاقتصاد، والسيادة السياسية.

تم نسخ الرابط