في ذكرى رحيلها.. أم كلثوم تظل أسطورة الغناء العربي وصوتًا لا يغيب

في مثل هذا اليوم، قبل 48 عاما، رحلت عن عالمنا كوكب الشرق أم كلثوم، تاركة إرثا فنيا خالدا لا يزال ينبض بالحياة في وجدان الأجيال المتعاقبة.
ففي 3 فبراير 1975، فقدت الساحة الفنية واحدة من أعظم الأصوات التي أثرت في الموسيقى العربية ولامست قلوب الملايين عبر أغانيها التي حملت مشاعر الحب، الوطن، والشجن.
ورغم مرور هذه السنوات، تظل أم كلثوم أسطورة لا تغيب، وصوتا خالدا يعبر الزمن، لتظل سيدة الغناء العربي التي لا ينافسها أحد في تأثيرها العميق والمستمر في قلوب محبيها، فضلا عن دورها الوطني المصري الذي خلده التاريخ.
وفي السطور القادمة، نستعرض أبرز مواقف أم كلثوم الوطنية على مر سنوات حياتها.
موقف أم كلثوم من ثورة يوليو
بعد ثورة 23 يوليو 1952، واجهت أم كلثوم تحديات نتيجة ارتباطها بالعهد الملكي، حيث صدر قرار بمنع أغانيها في الإذاعة وإقالتها من منصب نقيب الموسيقيين، ولكن الرئيس جمال عبد الناصر تدخل لإلغاء هذه القرارات، مؤكدا على قيمة أم كلثوم الفنية والوطنية.
ثم تابعت أم كلثوم مواقفها الوطنية، حيث أحيت إحدى الحفلات بعد ثورة 23 يوليو 1952، بحضور الرئيس محمد نجيب، الذي طلب منها أداء أغنيته المفضلة "ولد الهدى".

عندما بدأت الفرقة الموسيقية بعزف مقدمة الأغنية، تعالت أصوات الجمهور تطالب بأغنية "رباعيات الخيام".
استجابت أم كلثوم لرغبة الجمهور وغنت "رباعيات الخيام"، ووعدت الرئيس نجيب بأداء "ولد الهدى" في حفل لاحق.
تقبل الرئيس ذلك برحابة صدر، مؤكدا أن "الشعب هو الذي يحكم ونحن نلبي رغباته".
الست وعبد الناصر
تُعتبر العلاقة بين أم كلثوم والرئيس جمال عبد الناصر من أبرز الشواهد على التلاحم بين الفن والقيادة السياسية في مصر خلال فترة الخمسينيات والستينيات.
وبعد أن أقر ناصر بإلغاء منع الست من الإذاعة، منحها جواز سفر دبلوماسي لتسهيل جولاتها الفنية الخارجية، تقديرا لدورها كسفيرة للفن المصري.

لتقدم العديد من الأغاني الوطنية التي دعمت مشروع عبد الناصر القومي، مثل "مصر التي في خاطري" و"ثوار"، وكانت هذه الأغاني تُبث عبر إذاعة "صوت العرب"، التي أُنشئت لتعزيز الوحدة العربية ونشر الفكر القومي.
كما استُخدمت حفلات أم كلثوم في الخارج كوسيلة لتحسين علاقات مصر بالدول العربية، مثل تونس والمغرب، حيث ساهمت في إزالة الخلافات وتعزيز فكرة القومية العربية.
أم كلثوم والنكسة
بعد نكسة يونيو 1967، شعرت أم كلثوم بحزن عميق، و رفعت شعار "الفن من أجل المجهود الحربي"، فقامت بجمع التبرعات من الشخصيات العامة والمشاهير، وزارتهم بنفسها للحصول على دعمهم.
كما أحيت حفلات للجنود على جبهات القتال، لتعزيز روحهم المعنوية.
وقررت إحياء حفلتين شهريا، مخصصة إيراداتهما لدعم تسليح الجيش المصري، وبدأت بحفل في دمنهور جمع حوالي 40 ألف جنيه، ثم حفل في الإسكندرية بإيراد 100 ألف جنيه، وحفل في المنصورة تجاوزت إيراداته 120 ألف جنيه.

لم تقتصر حفلاتها على مصر، بل امتدت إلى باريس، حيث جمعت 212 ألف جنيه إسترليني، والكويت بإيراد 100 ألف دينار كويتي.
من خلال هذه الجهود، أثبتت أم كلثوم أن الفن يمكن أن يكون سلاحا قويا في دعم الوطن، وأن الفنان الحقيقي يساهم بموهبته في خدمة قضايا أمته.