الإمدادات تنفد والأمل يتلاشى
جحيم على الأرض.. تحذيرات دولية من انهيار إنساني شامل في غزة

في مشهد يزداد قتامة يومًا بعد يوم، تحوّلت غزة إلى جحيمًا على الأرض، بحسب توصيفات أممية، في ظل استمرار إسرائيل بفرض حصار خانق وقطع شبه تام للإمدادات الأساسية من ماء وغذاء ووقود ودواء عن أكثر من مليوني شخص محاصر، وسط صمت دولي يتراوح بين العجز والتواطؤ.
وبينما تصاعدت أصوات التنديد من منظمات الأمم المتحدة ومؤسسات حقوق الإنسان، تتوالى التحذيرات من كارثة إنسانية شاملة وسط انهيار متسارع لمقومات الحياة في غزة على وقع اتباع إسرائيل سياسة التجويع الممنهج.
والآن، تغلق إسرائيل المعابر أمام أي إمداد إنساني، بينما تواصل القصف لمكثف وتجدد الهجمات العنيفة في جميع أنحاء قطاع غزة المحاصر، دون فسحة لالتقاط الأنفاس أو حتى توفير الحد الأدنى من المستلزمات الطبية والغذائية.
وفيما تصر تل أبيب على اتهام حركة حماس بإعادة تدوير المساعدات لـ"أغراض عسكرية"، تزداد معاناة المدنيين الذين تُركوا وحيدين في مواجهة الموت.
ووصفت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريتش إيجر، الوضع الإنساني في قطاع غزة بأنه وصل إلى مرحلة جحيم على الأرض، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي ومنع دخول المساعدات الإنسانية منذ أكثر من ستة أسابيع.
وحذرت سبولياريتش، خلال مؤتمر صحفي من مقر اللجنة في جنيف، من قرب توقف عمل المستشفى الميداني التابع للجنة بسبب نفاد الإمدادات.
انهيار تدريجي للمقومات الأساسية للحياة
قالت سبولياريتش، إنه الآن لا يمكن لسكان غزة الحصول على الماء ولا الكهرباء ولا الغذاء في الكثير من المناطق.
وأضافت أن الأوضاع الميدانية تزداد تدهوراً مع كل يوم يمر دون إدخال مساعدات، مشيرة إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تتلق أي إمدادات منذ الثاني من مارس، محذّرةً من أن مخزون المستشفى الميداني قد ينفد خلال أسبوعين، ما ينذر بكارثة صحية وبيئية واسعة.
توقف المساعدات واستئناف الهجمات
وتوقف إدخال الشاحنات الإنسانية إلى قطاع غزة منذ أن منعت إسرائيل دخولها في بداية مارس، بالتزامن مع تعثر المحادثات المتعلقة باتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
في المقابل، استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية المكثفة في القطاع منذ 18 مارس، ما أدى إلى تصاعد حجم الخسائر في الأرواح والممتلكات.
اتهامات متبادلة حول استغلال المساعدات
من جانبها، زعمت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن نحو 25 ألف شاحنة مساعدات دخلت غزة خلال فترة الهدنة السابقة، متهمةً حركة حماس باستغلال تلك المساعدات لتعزيز بُنيتها العسكرية.
في حين تنفي الحركة هذه الاتهامات، وتؤكد أن المساعدات تُوجه بشكل أساسي للمدنيين المتضررين.
منظمة الصحة العالمية: 22 مستشفى بالكاد تعمل
وفي سياق متصل، حذرت منظمة الصحة العالمية من قرب نفاد إمدادات الأدوية الحيوية، بما في ذلك المضادات الحيوية وأكياس الدم، في ظل تردي النظام الصحي في القطاع.
وقال ريتشارد بيبيركورن، ممثل المنظمة في الأراضي الفلسطينية، إن 22 مستشفى من أصل 36 في غزة تعمل بالحد الأدنى، وبعضها يفتقر للقدرة على إجراء العمليات أو توفير الرعاية الأساسية.
مخاطر مضاعفة على الطواقم الإنسانية
أبدت سبولياريتش قلقها الشديد من تدهور بيئة العمل الإنساني، مشيرة إلى أن التحرك داخل القطاع بات محفوفاً بالمخاطر.
وأضافت أن تحرك السكان أمر بالغ الخطورة، لكن الأمر خطر بشكل خاص بالنسبة لعملنا، في ظل غياب الضمانات الأمنية للطواقم الإنسانية.
وفي تطور مأساوي، تم العثور مؤخراً على جثامين 15 مسعفاً في قبر جماعي جنوبي القطاع، من بينهم 8 ينتمون للهلال الأحمر الفلسطيني.
ووجّهت الأمم المتحدة والهلال الأحمر اتهامات مباشرة لجيش الاحتلال الإسرائيلي بإعدامهم أثناء أدائهم مهامهم.
تحقيق إسرائيلي واتهامات دولية
قال جيش الاحتلال في بيان، إنه أجرى تحقيقاً أولياً أظهر أن الحادثة وقعت نتيجة شعور بوجود تهديد، بعد أن تم تحديد ما وصفه بوجود عناصر من حماس قرب الموقع، دون أن يقدم أدلة قاطعة بشأن مقتل المسعفين.
دعوات دولية لوقف إطلاق النار وتسهيل الإغاثة
دعت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى وقف فوري لإطلاق النار، من أجل تسهيل دخول المساعدات، وتأمين إطلاق سراح الأسرى لدى حركة حماس، مؤكدة أن الواقع الميداني يفرض استجابة إنسانية عاجلة وشاملة.