إعادة توطين الفلسطينيين.. ما هو موقف مصر والأردن من مقترح ترامب؟
اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأحد، نقل أكثر من مليون فلسطيني من غزة إلى الدول المجاورة مؤقتًا أو على المدى الطويل، وهو الأمر الذي رفضته مصر والأردن مرارًا ويتمسكا بمسار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية.
وقال ترامب، للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، إنه طلب من الملك الأردني عبد الله الثاني، وهو شريك رئيسي للولايات المتحدة في المنطقة، استقبال المزيد من الفلسطينيين في مكالمة هاتفية يوم السبت.
وأعلن الديوان الملكي الأردني في بيان، أن الملك عبد الله تحدث مع ترامب يوم السبت، عبر الهاتف، الذي هنأه على تنصيبه، وشدد على الدور المحوري للولايات المتحدة في دفع جميع الأطراف للعمل من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار للجميع في المنطقة، دون أن يذكر أي شيء عن إعادة توطين الفلسطينيين.
وتستضيف المملكة الأردنية بالفعل أكثر من 2.3 مليون لاجئ فلسطيني مسجل، وفق الأمم المتحدة.
وذكر ترامب أنه يود أن تقوم الأردن ومصر - التي تحد القطاع المدمر - بإيواء الناس، وأنه سيتحدث مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن هذه المسألة اليوم الأحد.
ويشكل اقتراح ترامب خرقًا لعقود من السياسة الخارجية الأمريكية، التي أكدت منذ فترة طويلة على حل الدولتين.
دعم إسرائيلي
ومنذ حرب إسرائيل المدمرة على قطاع غزة، تتزايد المخاوف في المنطقة من أن إسرائيل تريد دفع الفلسطينيين للخروج من غزة إلى الدول المجاورة، وهي الفرضية التي تحظى بدعم اليمين الإسرائيلي المتطرف في الحكومة.
ونال مقترح ترامب بشأن إعادة توطين الفلسطينيين، ترحيب من اليمين الإسرائيلي المتطرف، بمن فيهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي المستقيل وإيتمار بن جفير.
وقال سموتريتش، عبر موقع إكس، إن مقترح ترامب نقل سكان غزة إلى أماكن أخرى لبدء حياة جديدة أفضل فكرة رائعة، وفق قوله.
وتعهد الوزير اليميني المتطرف بالعمل مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والحكومة لضمان وجود خطة لتنفيذ ذلك في أقرب وقت ممكن.
ورحب أيضًا بن جفير، باقتراح ترامب، مشيرًا إلى أنه كان أحد مطالبهم من نتنياهو هو تشجيع الهجرة الطوعية للفلسطينيين.
وطالب اليميني المتطرف الذي غادر هو وحزبه الحكومة الائتلافية احتجاجًا على وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، نتنياهو بالعمل على تنفيذ هذا الاقتراح على الفور.
رفض مصري أردني
ولم تصدر أي تعليقات مصرية أو أردنية بعد على تصريحات ترامب، التي طرح فيها تصورًا طالما رفضه البلدان.
وقادت مصر والأردن منذ بداية الحرب في غزة، معارضة العالم العربي لأي نقل قسري من جانب إسرائيل للفلسطينيين من قطاع غزة.
وفي بداية الحرب، عندما أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه الفكرة، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تعرض اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر للخطر.
وانتقد السيسي خطوة إسرائيل لإجلاء أكثر من مليون شخص من شمال غزة في أكتوبر 2023، ووصفها بأنها جزء من خطة أكبر لتطهير المنطقة بالكامل من الفلسطينيين.
وأوضح أن تهجير أو طرد الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر يعني ببساطة أن وضعًا مماثلًا سوف يحدث أيضًا، أي طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن، ولن يكون هناك جدوى من مناقشة الدولة الفلسطينية، لأن الأرض ستكون هناك، ولكن الشعب لن يكون هناك.
وذكر السيسي، الأربعاء الماضي، أن مصر ستسعى إلى إعادة الخدمات لقطاع غزة كي يصبح قابلًا للحياة، وستسعى كذلك لمنع أي محاولات لتهجير الفلسطينيين.
وأكد أن فكرة تهجير الفلسطينيين أمر ترفضه مصر، بشكل قاطع، حفاظًا على وجود القضية الفلسطينية ذاتها.
وفي سبتمبر الماضي، عبّر ملك الأردن، في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن رفضه التام لفكرة تحول الأردن كوطن بديل للفلسطينيين، مؤكدًا أن هذا لن يحدث أبدًا.
وشدد الملك عبد الله، على أن فكرة انتقال المزيد من اللاجئين الفلسطينيين إلى الأردن أو مصر خط أحمر.
رفض فلسطيني
بالنسبة للفلسطينيين، فإن أي محاولة لنقلهم من غزة من شأنها أن تستحضر ذكريات مظلمة عندما حدث النزوح الجماعي في أعقاب النكبة عام 1948.
وعبّر السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي عن رفضه التام لفكرة نقل سكان قطاع غزة إلى الدول المجاورة.
وقال البرغوثي في بيان، إن ما عجز الاحتلال عن تحقيقه عبر قصفه الإجرامي وجرائم الإبادة الجماعية في غزة لن يتحقق عبر الضغوط السياسية.
وأكد السياسي الفلسطيني أن مؤامرة التطهير العرقي الذي يسعى الاحتلال لتنفيذها لن تنجح في غزة أو الضفة الغربية.
وأدانت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، في بيان، اقتراح الرئيس الأمريكي، ووصفته بأنه فكرة مؤسفة.
وقالت الحركة، التي خاضت حربًا إلى جانب حماس ضد إسرائيل حتى وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي، إن اقتراح ترامب يندرج في إطار تشجيع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من خلال إجبار شعبنا على مغادرة أرضه.
وذكرت أيضًا أن اقتراح ترامب يتفق مع أسوأ أجندة اليمين الصهيوني المتطرف واستمرار لسياسة إنكار وجود الشعب الفلسطيني وإرادته وحقوقه.
وأدت الحرب الإسرائيلية التي استمرت 15 شهرًا في قطاع غزة، إلى استشهاد أكثر من 47 ألف فلسطيني، وإصابة 111 ألف على الأقل، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
وألحقت الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة أضرارًا أو دمرت حوالي 60% من المباني في قطاع غزة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، وحوالي 92% من المنازل، ونزح ما يقرب من 1.9 مليون شخص داخليا في غزة، وفق الأمم المتحدة.
دخل وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ قبل أسبوع، وأدى إلى إطلاق سراح بعض الأسرى الإسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين تحتجزهم إسرائيل.