العائدون إلى شمال غزة المنكوب: فرحة ممزوجة باليأس

نازحون فلسطينيون
نازحون فلسطينيون خلال عودتهم إلى منازلهم في شمال غزة

للمرة الأولى منذ أكثر من 16 شهرًا من الحرب، وصل أخيرًا أصحاب الأرض إلى ديارهم في شمال قطاع غزة المنكوب، في حالة من الفرحة واليأس.

وفي يوم الثلاثاء، اجتمع شمل العائدين إلى الشمال مع أفراد أسرهم الذين ظلوا هناك أثناء الحرب بعد أكثر من عام من العيش في الهواء الطلق، كانوا يأملون أن يكون الوضع أفضل، لكن العودة كانت صادمة.

أكوام من الأنقاض

دمرت إسرائيل أحياء بأكملها في غزة، وحولتها إلى أكوام من الأنقاض بالكاد يمكن التعرف عليها، حيث يعيش نحو 1.6 مليون شخص حاليًّا في مراكز إيواء وخيام تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الآدمية.

ويوم الاثنين، شق آلاف النازحين الفلسطينيين طريق العودة من جنوب القطاع إلى شماله وسط دمار هائل وغير مسبوق في البنى التحتية والمنازل، بعد انسحاب قوات الاحتلال من محور نتساريم.

وفي بداية الهجوم الإسرائيلي على القطاع، فر مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الجنوب، ولنحو 16 شهرًا، عاشوا في خيام وملاجئ مؤقتة، واليوم عادوا إلى ما تبقى من منازلهم في شمال غزة، في مواجهة أسوأ المخاوف.

كان هذا هو المكان الذي ركز فيه جيش الاحتلال حملته في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 1200 إسرائيلي، وأسر 250 آخرين. 

وردت إسرائيل بحملة عسكرية عنيفة على قطاع غزة خلّفت أكثر من 158 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وأضرار جسيمة في المباني السكنية والمستشفيات والمدارس.

ومع الدمار الهائل، يحتاج شمال قطاع غزة بشدة إلى الخيام ووحدات الإسكان المؤقتة (المنازل المتحركة)، وفق الدفاع المدني الفلسطيني.

خيام قيد الانتظار

وزيرة التنمية الاجتماعية الفلسطينية سماح حمد، التي شاركت في جهود إرسال الإغاثة إلى شمال غزة، قالت لـ"تفصيلة" إن عشرات الآلاف من الخيام تنتظر موافقة إسرائيل لدخول غزة. 

وفي حين أن السلطة الفلسطينية، التي تتخذ من الضفة الغربية المحتلة مقرًا لها، لا تسيطر على غزة، إلا أن لديها بعض الموظفين النشطين هناك، وفق حمد التي طالبت بضرورة أن تصل الخيام إلى الناس على الفور ودون تأخير.

وبموجب شروط المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، من المفترض أن تدخل غزة ما لا يقل عن 60 ألف وحدة سكنية مؤقتة و200 ألف خيمة. 

وزعمت هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية، وهي الوكالة الحكومية الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق تسليم المساعدات إلى غزة، أن عشرات الآلاف من الخيام دخلت القطاع في الأسبوعين الماضيين.

تحديات تواجه دخول المساعدات

وقال ماجد الأنصاري، المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، التي عملت كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار إلى جانب مصر، إن هناك تحديات تتعلق بنوع الإغاثة التي تدخل غزة والمناطق التي تصل إليها.

ومنذ بدء وقف إطلاق النار، دخلت مئات الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة، إلا أن هناك حاجة إلى المزيد لتلبية احتياجات السكان، وفق الأمم المتحدة.

وواجه اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس بعض العقبات خلال نهاية الأسبوع، لكن الأنصاري قال في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، إنه لا يعتقد أن هناك انتهاك حقيقي للاتفاق يمكن أن يؤدي إلى تصعيد.

وشدد الأنصاري على ضرورة التزام طرفي الصراع بتنفيذ كل بنود اتفاق وقف إطلاق النار بما في ذلك إطلاق سراح الأسرى، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل مستدام ودون عوائق إلى مناطق القطاع كافة.

شمال غزة منكوب

وأعلنت اللجنة التنسيقية لبلديات شمال غزة، في بيان، الثلاثاء، أن محافظة شمال غزة منطقة منكوبة، حيث دُمّرت الطرقات وشبكات المياه والصرف الصحي وخطوط الكهرباء والاتصالات وآبار المياه، إضافة إلى استهداف المستشفيات والمدارس ومنشآت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي كانت تستخدم مراكز إيواء.

وذكرت أن تدمير إسرائيل البنية التحتية يجعل عودة النازحين الفلسطينيين أمرا بالغ الصعوبة، ويدفع نحو أزمة إنسانية غير مسبوقة، مطالبة الأونروا وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) بإغاثة النازحين، وتقديم المساعدات اللازمة من مأوى وغذاء وملابس، بالإضافة إلى إنشاء مخيمات لاستقبالهم.

وشددت على ضرورة توفير الوقود لتشغيل المرافق، وإصلاح شبكات المياه والصرف الصحي، وفتح الطرقات وإزالة الأنقاض، وتزويدها بقطع غيار ومستلزمات تشغيل آبار المياه ومرافق الصرف الصحي.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ في 19 يناير الجاري، ومن المقرر أن تستمر المرحلة الأولى منه لمدة 42 يومًا يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة القاهرة والدوحة وواشنطن.

تم نسخ الرابط