إهانة واستسلام.. عودة النازحين إلى شمال غزة تثير غضبًا إسرائيليًّا
أثارت مشاهد عودة عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين النازحين إلى شمال قطاع غزة، الاثنين، بعد فتح جيش الاحتلال محور نتساريم والانسحاب منه بناء على اتفاق وقف إطلاق النار، ردود فعل إسرائيلية غاضبة.
وفي الساعة 7 من صباح اليوم الاثنين، بدأ آلاف النازحين، العودة إلى مدينة غزة وشمال القطاع، عبر شارع الرشيد الساحلي وسط قطاع غزة، سيرًا على الأقدام لمسافة تصل إلى نحو 7 كيلومترات على الأقل، وسط تكبيرات وزغاريد من العائدين.
انتصار حماس
واعتبر وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن جفير، عبر موقع إكس، أن عودة السكان إلى شمال قطاع غزة صورة لانتصار حماس، وجزء مهين آخر من الصفقة غير الشرعية، على حد قوله.
وطالب اليميني المتطرف الذي غادر هو وحزبه الحكومة الائتلافية احتجاجًا على وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، نتنياهو بالعودة إلى الحرب.
إهانة واستسلام
وقال بن جفير إن هذا ليس ما يبدو عليه النصر المطلق - الذي وعد به نتنياهو - بل هو الإهانة والاستسلام التام.
بدورها، قالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، إن حركة حماس حصلت على ما أرادت هذا الصباح بعد عودة السكان إلى شمال قطاع غزة.
وأكدت أنه من الصعب جدًا على إسرائيل العودة إلى القتال في شمال القطاع بعد المرحلة الأولى من الاتفاق، حيث ستكون العودة إلى القتال داخل منطقة مكتظة بالسكان مهمة شبه مستحيلة في غضون أسابيع قليلة.
خلافات عسكرية
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، الاثنين، أن قيادات عسكرية كبيرة في الجيش ترى أنه كان يجب الحفاظ على محور نتساريم كورقة تفاوض، نظرًا لأهميته الكبيرة لحركة حماس، وتعتبر أن إسرائيل دفعت ثمن صفقة كاملة بفتحها هذا المحور دون أن تحصل على المقابل كله.
وفي وقت سابق، ذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل ستسمح للنازحين الفلسطينيين بالعودة إلى شمال قطاع غزة، اعتبارًا من الاثنين، بعد أن نجح وسطاء مصريون وقطريون في حل الأزمة بشأن إطلاق سراح الأسيرة إسرائيلية أربيل يهود.
خلف الكواليس
كان عدم إطلاق حركة حماس سراح الأسيرة الإسرائيلية يهود، يوم السبت، خلق أزمة أثارت مخاوف من احتمال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد أسبوع من دخوله حيز التنفيذ.
وأكد نتنياهو أن إسرائيل لن تسمح بمرور المدنيين الفلسطينيين إلى شمال القطاع ــ وهي العملية التي كان من المفترض أن تبدأ يوم السبت ــ حتى يتم إطلاق يهود، قبل أن تعلن وزارة الخارجية القطرية، في بيان، مساء الأحد، التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس للتغلب على الأزمة.
وبموجب الاتفاق، ستسمح إسرائيل للفلسطينيين بالتوجه إلى شمال قطاع غزة اعتبارا من صباح الاثنين، وستفرج حماس عن أربيل يهود ورهينتين آخرين يوم الخميس وثلاثة رهائن آخرين يوم السبت، وهو ما من شأنه أن يضاعف عدد الرهائن الذين سيتم الإفراج عنهم هذا الأسبوع.
وفي وقت مبكر من يوم الاثنين، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي الانسحاب من محور نتساريم، الفاصل بين جنوب قطاع غزة وشماله، والذي أنشأه الجيش مع بدء العملية البرية في 27 أكتوبر 2023، ما سمح لآلاف النازحين بالعودة من جنوب القطاع إلى شماله.
وتعد عودة المدنيين الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة أحد أهم البنود التي طالبت بها حركة حماس كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع إسرائيل.
فشل التهجير
وقالت حركة حماس، في بيان، الاثنين، إن عودة النازحين لبيوتهم وأراضيهم انتصار لشعبنا، وإعلان لفشل وهزيمة الاحتلال الإسرائيلي ومخططات التهجير.
ذكرت حماس، أن عودة النازحين يثبت مجددًا فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العدوانية في تهجير شعبنا وكسر إرادة صموده.
وشددت على أن المشاهد المفعمة بفرح العودة وحب الأرض والتشبث بها رسالة للمراهنين على كسر إرادة الشعب الفلسطيني وتهجيره من أرضه، كما تؤكد على عظمته ورسوخه في أرضه.
مشهد أسطوري
ومن جانبها، ذكرت حركة الجهاد الإسلامي، أن عودة مئات آلاف النازحين إلى شمال غزة الذي حوله الإجرام الصهيوني إلى ركام، مشهد أسطوري، يأتي ردًا على كل الحالمين بتهجير شعبنا.
وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن أكثر من 200 ألف فلسطيني عادوا إلى غزة وشمال القطاع خلال أول ساعتين من بدء عودة النازحين.
ويوم 19 يناير الجاري، بدأ سريان وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، ويستمر في مرحلته الأولى 42 يومًا يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة القاهرة والدوحة وواشنطن.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل - بين السابع من أكتوبر 2023 و19 يناير 2025 - إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 158 ألف شهيد وجريح فلسطيني معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.