اتفاق غزة على المحك.. حماس تحذر ونتنياهو يلوّح باستكمال الحرب

تواجه التهدئة في قطاع غزة اختبارًا حاسمًا، وسط تصاعد التوتر بين حماس وإسرائيل، حيث اتهمت الحركة الفلسطينية تل أبيب بالانقلاب على الاتفاق ودفع الأمور إلى نقطة الصفر، بينما لوّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باستكمال الحرب.
وقالت حماس، الاثنين، إن إسرائيل تسعى للالتفاف على اتفاق غزة من خلال طرح بدائل تعيد الأمور إلى نقطة الصفر، مثل تمديد المرحلة الأولى أو إنشاء مرحلة وسيطة، وهي حلول لا تتماشى مع الاتفاق الموقع بين الطرفين.
وأضافت حماس، في بيان، أن الطريق الوحيد لاستعادة الأسرى هو الالتزام بالاتفاق القائم والبدء الفوري في مفاوضات المرحلة الثانية، مشددة على أن إسرائيل ملزمة بتنفيذ تعهداتها.
كما دعت حماس، الوسطاء والضامنين إلى التدخل لمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي من تقويض اتفاق غزة وحمايته من الانهيار.
وشددت حماس على التزامها بتنفيذ الاتفاق والانتقال إلى المرحلة الثانية، وحمّلت الاحتلال وداعميه المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات ناتجة عن خرقه له.

الخروقات الإسرائيلية
وعددت حماس الانتهاكات الإسرائيلية لبنود اتفاق غزة منذ دخوله حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، من بينها:
- عدم السماح بإدخال 50 شاحنة وقود يوميًا كما كان متفقًا عليه.
- عدم إدخال المعدات الثقيلة اللازمة لرفع الأنقاض واستخراج الجثث، حيث تم السماح فقط بإدخال 9 آليات بدلاً من العدد المتفق عليه.
- إدخال 15 بيتًا متنقلًا فقط (كرفانات)، بدلاً من 60 ألفًا متفق عليها.
خروقات ميدانية وتصعيد عسكري
بالإضافة إلى العراقيل اللوجستية، أشارت حماس إلى استمرار الانتهاكات العسكرية الإسرائيلية، والتي شملت:
- تقدم الآليات العسكرية الإسرائيلية في محور فيلادلفيا لمسافة تتراوح بين 300 إلى 500 متر خارج الحدود المتفق عليها.
- تأخير الانسحاب من شارعي الرشيد وصلاح الدين، ومنع عودة النازحين لمدة يومين.
نتنياهو يتوعد
في المقابل، أكد نتنياهو أن إسرائيل تستعد لمراحل جديدة من الحرب، مشيرًا إلى أنها لن تتوقف حتى تحقق النصر الكامل.
وخلال جلسة عامة للكنيست، قال نتنياهو إن إسرائيل تخوض الحرب على سبع جبهات، ما يعكس تعقيد المشهد العسكري والسياسي.
وشهدت الجلسة توترات داخل الكنيست الإسرائيلي، حيث اعترض عدد من نواب المعارضة على تصريحات نتنياهو، ما أدى إلى طردهم من القاعة بقرار من رئيس الكنيست.
كما رفع عدد من أهالي الأسرى في غزة صور أقاربهم من شرفة الزوار، احتجاجًا على سياسات الحكومة في التعامل مع الملف.
ويشعل اتفاق غزة تناقضات داخلية في إسرائيل، بينما تطالب عائلات الأسرى بالإسراع في استكمال الصفقة بما يؤدي إلى عودة ذويهم، يواجه نتنياهو ضغوطًا من الوزراء المتطرفين في حكومته الذين يطالبون باستئناف الحرب في غزة بدل التفاوض.

اتفاق غزة في خطر
تشهد المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار حالة من الجمود، ولم تحرز المحادثات التي جرت في القاهرة نهاية الأسبوع الماضي، أي تقدم يُذكر.
وانتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار -الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة- يوم السبت.
وكان من المفترض أن تبدأ مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة في 3 فبراير الماضي، لكن الحكومة الإسرائيلية لا تزال تماطل في ذلك، رغم استعداد حماس لمواصلة التفاوض.
مقترح أمريكي
ويوم السبت، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان، أن إسرائيل وافقت على مقترح أمريكي جديد لتمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار مقابل الإفراج عن نحو نصف الأسرى المتبقين في غزة، سواء كانوا أحياء أو أمواتًا، لكن حماس رفضت المقترح.
وحاليًا، لا يزال 59 أسيرًا إسرائيليًا لدى حماس في قطاع غزة، وتعتقد إسرائيل أن ما يصل إلى 24 منهم ما زالوا على قيد الحياة، بينهم مواطن أمريكي.
المقترح الأمريكي، الذي قدمه المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، تضمن تمديد وقف إطلاق النار لمدة 50 يومًا إضافية.
وبحسب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، ينص المقترح الأمريكي على التالي:
- في اليوم الأول من التمديد، سيتم الإفراج عن نصف الأسرى الأحياء ونصف الأسرى المتوفين.
- ستجري مفاوضات بشأن وقف إطلاق نار دائم خلال فترة التمديد.
- إذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن وقف دائم لإطلاق النار، سيتم الإفراج عن باقي الأسرى الأحياء والأموات.

موقف حماس
ويوم الأحد، قالت حركة حماس، في بيان، إن موافقة نتنياهو على المقترح الأمريكي هي محاولة للتهرب من تنفيذ الاتفاق القائم والمفاوضات حول المرحلة الثانية.
وأضافت حماس، أن قرار إسرائيل بوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة هو ابتزاز وجريمة حرب، وانتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار.
وألقت حماس باللوم على نتنياهو في عرقلة اتفاق وقف إطلاق النار وتأثير قراراته على مصير الأسرى الإسرائيليين، مؤكدة أن السبيل الوحيد للإفراج عن الأسرى هو تنفيذ الاتفاق وبدء مفاوضات حول المرحلة الثانية.
وطالبت الوسطاء والمجتمع الدولي بالتحرك للضغط على إسرائيل لوقف إجراءاتها العقابية وغير الأخلاقية بحق أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة.

موجة تجويع جديدة
وردت إسرائيل على رفض حماس المقترح الأمريكي، بوقف جميع المساعدات الإنسانية وإمدادات الوقود إلى قطاع غزة، وإغلاق المعابر الحدودية بين إسرائيل والقطاع.
وفي المقابل، دعت حماس الدول العربية لاتخاذ خطوات عملية لمنع إسرائيل من مواصلة تجويع الفلسطينيين بقطاع غزة، محذرة من أن ذلك يمهد لمخطط تهجير أهالي القطاع بما يحمله من تهديد لمنظومة الأمن القومي العربي.
ومنذ سريان الاتفاق خرقته إسرائيل أكثر من 900 مرة، ما أدى إلى استشهاد 116 فلسطينيا وإصابة 490 آخرين، كما لم تلتزم بالبرتوكول الإنساني، إذ سمحت فقط بإدخال قدر شحيح جدًا من المساعدات الإنسانية.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين السابع من أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 158 ألف شهيد وجريح فلسطيني معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
وأجبرت حرب الإبادة الإسرائيلية نحو مليونين من مواطني قطاع غزة البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح داخليًّا في ظل أوضاع إنسانية مأساوية.