ماكرون في مصر.. اتفاقيات اقتصادية جديدة ورؤى مشتركة لحل أزمة غزة

وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر يوم الأحد، في زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أيام، لمناقشة التطورات الأخيرة في غزة وتعزيز العلاقات بين القاهرة وباريس.

وتعد هذه الزيارة الرابعة لماكرون إلى مصر منذ توليه منصب الرئاسة الفرنسية في 14 مايو 2017.

بدأت الزيارة بجولة مسائية في المتحف المصري الكبير، ومن المقرر أن تنتهي يوم الثلاثاء بزيارة لمراكز لوجستية لإيصال المساعدات إلى غزة في العريش.

عند وصوله، استقبل الرئيس ماكرون ورافقه طائرات رافال من القوات الجوية المصرية، والتي وصفها بأنها رمز قوي للتعاون الاستراتيجي بين مصر وفرنسا.

وفي مشهد غير معتاد في الزيارات الرسمية، اصطحب الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الفرنسي في جولة مسائية إلى سوق خان الخليلي التاريخي بحي الحسين، حيث تجولا وسط الحشود وتناولا العشاء معًا، في لفتة تعكس الطابع الودي للعلاقات الثنائية.

والاثنين، استقبل الرئيس السيسي نظيره الفرنسي ماكرون في قصر الاتحادية لإجراء محادثات، تليها توقيع اتفاقيات اقتصادية ومؤتمر صحفي مشترك.

يرافق ماكرون وفد رفيع المستوى يضم وزراء الشؤون الخارجية والدفاع والاقتصاد والصحة والنقل والبحث العلمي الفرنسيين، بالإضافة إلى كبار المديرين التنفيذيين ورجال الأعمال الفرنسيين. 

تهدف الزيارة أيضًا إلى تعزيز العلاقات الثنائية وبناء شراكة استراتيجية بين مصر وفرنسا، على غرار التعاون القائم بين القاهرة والاتحاد الأوروبي.

قمة ثلاثية حول غزة

وسيشارك الرئيسان السيسي وماكرون مع ملك الأردن عبدالله الثاني في قمة ثلاثية في الساعة 12:00 ظهرًا لمناقشة تطورات الحرب المستمرة في غزة.

ووفق قصر الإليزيه، سيناقش القادة الصراعات الإقليمية، بما في ذلك تلك في سوريا وليبيا والسودان وفلسطين.

وبناءً على دورها التاريخي كجسر إلى العالم العربي، تأمل فرنسا في تسهيل تحقيق اختراق في النزاع في الشرق الأوسط.

كما سيناقش الزعماء وقف إطلاق النار في غزة وإمكانية إنهاء الحرب الإسرائيلية في القطاع المحاصر.

تعزيز التعاون الاقتصادي

ومن المقرر أن يحضر الرئيسان السيسي وماكرون منتدى الأعمال المصري الفرنسي عقب اجتماع القمة.

وبلغ حجم التجارة الثنائية بين مصر وفرنسا 2.9 مليار دولار في عام 2024، ارتفاعًا من 2.5 مليار دولار في عام 2023، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وارتفعت الصادرات المصرية إلى فرنسا إلى مليار دولار في عام 2024، مقارنة بـ 855.4 مليون دولار في عام 2023. 

وشملت أهم الصادرات المصرية الآلات والمعدات الكهربائية (248 مليون دولار)، والأسمدة (194 مليون دولار)، والوقود المعدني والزيوت (158 مليون دولار)، والخضروات والفواكه (75 مليون دولار)، والملابس الجاهزة (73 مليون دولار).

وارتفعت الواردات المصرية من فرنسا إلى 1.8 مليار دولار أمريكي في عام 2024، مقارنة بـ 1.7 مليار دولار أمريكي في العام السابق. 

وشملت أبرز الصادرات الفرنسية إلى مصر المنتجات الدوائية (302 مليون دولار أمريكي)، والحبوب (183 مليون دولار أمريكي)، والمركبات والجرارات والدراجات النارية (115 مليون دولار أمريكي)، والحديد والمنتجات ذات الصلة (100 مليون دولار أمريكي)، والمنتجات الكيميائية المتنوعة (99 مليون دولار أمريكي).

وبلغ إجمالي الاستثمارات الفرنسية في مصر 483.8 مليون دولار أمريكي خلال السنة المالية 2023-2024، بانخفاض عن 591.3 مليون دولار أمريكي في السنة المالية 2022-2023. 

في المقابل، بلغت الاستثمارات المصرية في فرنسا 238.3 مليون دولار أمريكي في السنة المالية 2023-2024، مقارنة بـ 284.2 مليون دولار أمريكي في السنة المالية السابقة.

ومن المقرر أن يزور الرئيسان السيسي وماكرون مساء الاثنين، مترو القاهرة الذي يعد من أهم مشاريع النقل المشتركة بين مصر وفرنسا.

زيارة إلى جامعة القاهرة

ويزور الرئيس ماكرون، مساء الاثنين، جامعة القاهرة، ليصبح ثاني رئيس فرنسي يقوم بذلك، بعد جاك شيراك الذي ألقى كلمة هناك في أبريل 1996 خلال افتتاح مستشفى قصر العيني الفرنسي الممول من فرنسا.

وسيحضر ماكرون حفل إطلاق مؤتمر التعليم العالي والبحث العلمي المصري الفرنسي، وسيرافقه وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري، أيمن عاشور، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الفرنسي، فيليب بابتيست. 

ويجمع هذا الحدث رؤساء جامعات وكبار مسؤولي التعليم ورؤساء مراكز ومعاهد بحثية من البلدين، كما سيستضيف ممثلين عن عدد من الشركات الفرنسية العاملة في مصر.

وأكد عاشور، أن المؤتمر الذي وصفه بأنه علامة فارقة في التعاون التعليمي بين مصر وفرنسا، يساهم في تطوير التخصصات الحديثة مثل العلوم التكنولوجية والبرامج متعددة التخصصات.

وتوقع وزير التعليم العالي المصري أن تكتمل المرحلة الأولى من هذا التعاون الموسع بحلول أكتوبر 2025.

وفي وقت لاحق من مساء اليوم، سيحضر ماكرون حفل عشاء في المعهد الفرنسي بقصر المنيرة مع شخصيات مصرية بارزة من مختلف المجالات.

زيارة إلى شمال سيناء

ومن المقرر أن يلتقي الرئيس ماكرون، الثلاثاء، مسؤولين محليين في العريش لبحث إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وبحسب خالد مغاور محافظ شمال سيناء، فإن ماكرون هو أول رئيس فرنسي وأوروبي يزور المنطقة.

وأضاف مغاور، أن زيارة ماكرون للعريش لها ثقل سياسي كبير، مؤكدًا موقف فرنسا الثابت ضد تهجير الفلسطينيين.

وقال مغاور إن ماكرون أكد باستمرار أن زيارته للعريش تهدف إلى تأكيد موقف فرنسا الثابت المعارض لتهجير الفلسطينيين.

وخلال زيارته، سيجري ماكرون جولة في مخازن الهلال الأحمر في العريش، والتي تخزن حاليًا المساعدات الإنسانية الدولية المخصصة لغزة، في انتظار دخولها إلى القطاع الذي دمره الحرب.

منذ أكتوبر 2023، حدّدت مصر مطار العريش الدولي مركزًا لاستقبال المساعدات الإنسانية الدولية إلى غزة. 

ودعت الحكومة المصرية أعضاء المجتمع الدولي الراغبين في دعم الفلسطينيين إلى توجيه مساعداتهم الإنسانية عبر المطار.

زيارة مستشفى العريش

ومن المقرر أن يزور الرئيس الفرنسي أيضًا مستشفى العريش العام للاطمئنان على الجرحى الفلسطينيين.

وفي عام 2024، شاركت حاملة المروحيات الفرنسية (ديكسمود) في جهود الإغاثة، حيث قدمت الرعاية الطبية لنحو 1000 فلسطيني من غزة أثناء رسوها في ميناء العريش.

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، استقبلت مصر مئات الجرحى الفلسطينيين عبر معبر رفح البري في شمال سيناء.

ووفق إحصاءات حكومية، فإن أكثر من 1500 فلسطيني تلقوا العلاج في المستشفيات المصرية، إلى جانب أكثر من 2100 شخص مرافق لهم.

وتختتم زيارة الرئيس ماكرون إلى مصر بعقد مؤتمر صحفي في العريش، من المقرر أن يستعرض خلاله الجهود المبذولة لدعم قطاع غزة وتقديم المساعدات الإنسانية.