بالتكبير والزغاريد.. آلاف النازحين يبدأون العودة إلى شمال غزة

بدأ عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين النازحين، الساعة 7 من صباح اليوم الاثنين، العودة إلى مدينة غزة وشمال القطاع، عبر شارع الرشيد الساحلي وسط قطاع غزة، سيرًا على الأقدام لمسافة تصل إلى نحو 7 كيلومترات على الأقل، وسط تكبيرات وزغاريد من العائدين.
وبعد نحو ساعتين، يبدأ السماح للنازحين بالعودة إلى شمال قطاع غزة عبر المركبات بعد تفتيشها، من خلال شارع صلاح الدين، حسب وكالة الأنباء الفلسطينية.
كان الآلاف أمضوا الليلتين الماضيتين في العراء على شارعي الرشيد وصلاح الدين، في ظل البرد القارس انتظارًا لانسحاب قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي والسماح لهم بالتحرك شمالًا إلى ديارهم بعد أن أجبرتهم الحرب الإسرائيلية على مغادرتها والنزوح إلى الجنوب.

ويمتد شارع الرشيد الساحلي من شمال القطاع إلى جنوبه، وتسببت الحرب الإسرائيلية في تهجير أكثر من 85% من مواطني قطاع غزة أي ما يزيد على 1.93 مليون مواطن من أصل 2.2 مليون، من منازلهم بعد تدميرها، كما غادر القطاع نحو 100 ألف مواطن منذ بداية الحرب.
ويعيش نحو 1.6 مليون من المواطنين في القطاع حاليًّا في مراكز إيواء وخيام تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الآدمية، وسط دمار هائل وغير مسبوق في البنى التحتية وممتلكات المواطنين.
وفي وقت مبكر من اليوم الاثنين، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل ستسمح للنازحين الفلسطينيين بالعودة إلى شمال قطاع غزة اعتبارًا من صباح الاثنين بعد أن نجح وسطاء مصريون وقطريون في حل الأزمة بشأن إطلاق سراح أسيرة إسرائيلية في غزة.

وكان عدم إطلاق حركة حماس سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود، يوم السبت، خلق أزمة أثارت مخاوف من احتمال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد أسبوع من دخوله حيز التنفيذ.
خلف الكواليس
في يوم الجمعة، عندما سلمت حركة حماس إسرائيل قائمة بأسماء الأسرى الأربعة الذين كان من المتوقع إطلاق سراحهم في اليوم التالي، لم تتضمن القائمة أربيل يهود، بل تضمنت أربع جنديات.
والمجندات الأربع هن: كارينا أرئيف، دانييل جلبوع، نعمة ليفي، ليري إلباج، تم أسرهم من وحدة المراقبة التابعة لجيش الاحتلال في قاعدة ناحال عوز العسكرية خلال هجوم 7 أكتوبر 2023.
واحتج الإسرائيليون لدى الوسطاء القطريين والمصريين، لكنهم لم يوقفوا تنفيذ الاتفاق، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.
ولكن بعد دخول الجنديات الأربع إلى الأراضي الإسرائيلية، أعلن نتنياهو أن إسرائيل لن تسمح بمرور المدنيين الفلسطينيين إلى شمال القطاع ــ وهي العملية التي كان من المفترض أن تبدأ يوم السبت ــ حتى يتم إطلاق يهود.
وطلب الإسرائيليون أيضًا من مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف التدخل ومطالبة الوسطاء القطريين والمصريين بالضغط على حماس.

مدنية أم عسكرية؟
واتهم مكتب نتنياهو، حماس بانتهاك الاتفاق من خلال عدم إطلاق سراح يهود، زاعمًا أنها مدنية لا تزال في الأسر.
وتعد عودة المدنيين الفلسطينيين النازحين إلى شمال غزة أحد أهم البنود التي طالبت بها حركة حماس كجزء من الاتفاق.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن يهود ليست بحوزة حركة حماس، وإنما هي أسيرة لدى سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي، إن أربيل يهود جندية وليست مدنية، وبالتالي لم يكن من المفترض إطلاق سراحها، وسيتم الإفراج عنها ضمن شروط صفقة التبادل المتفق عليها.
لكن الحكومة الإسرائيلية تصرّ على أن يهود مدنية وكان يجب إطلاق سراحها، السبت، وفق اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، يتم إطلاق سراح النساء المدنيات قبل النساء العسكريات.
وقالت حركة حماس، إن إسرائيل تتلكأ في تنفيذ شروط وقف إطلاق النار بمنع النازحين الفلسطينيين من العودة إلى شمال قطاع غزة، محذرة من أن مثل هذه التأخيرات قد يكون لها تداعيات على المراحل اللاحقة من الاتفاق.
ومساء الأحد، أعلنت وزارة الخارجية القطرية، أنه بعد 36 ساعة من المفاوضات، تم التوصل إلى اتفاق للتغلب على الأزمة.

وبموجب الاتفاق، ستسمح إسرائيل للفلسطينيين بالتوجه إلى شمال قطاع غزة اعتبارا من صباح الاثنين، وستفرج حماس عن أربيل يهود ورهينتين آخرين يوم الخميس وثلاثة رهائن آخرين يوم السبت، وهو ما من شأنه أن يضاعف عدد الرهائن الذين سيتم الإفراج عنهم هذا الأسبوع.
ويوم 19 يناير الجاري، بدأ سريان وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، ويستمر في مرحلته الأولى 42 يومًا يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة القاهرة والدوحة وواشنطن.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل - بين السابع من أكتوبر 2023 و19 يناير 2025 - إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 158 ألف شهيد وجريح فلسطيني معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.